Malatiyya Sufiyya Ahl Futuwwa
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Géneros
ولشدة حرص الملامتي على كتمان حاله، كره كل ما يثير فيه الحال ويظهرها كالسماع والتواجد والذكر والصياح وأمثالها، كما كره أن تظهر على يديه أية أو كرامة خوفا من أن يفتتن بنفسه أو يفتتن به الناس. وكان الملامتية إذا ظهرت على أيديهم الكرامات نظروا إليها بعين الاستدراج واعتبروها بعدا عن سبيل الحق بدلا من أن يعتبروها علامة على القرب من الله. وهم في هذا يفرقون بين كرامة الولي ومعجزة النبي، ويرون أن الرسل مضطرون إلى الظهور بمعجزاتهم لكي تتأيد بها دعواهم وتيسر بها سبيلهم إلى تبليغ رسالاتهم. أما الأولياء، فليسوا بحاجة إلى هذا التأييد؛ ولهذا كان ظهور النبي بالمعجزة كمالا، وظهور الولي بالكرامة نقصا.
أما السماع، فيرى جمهورهم أن تركه أولى، وإن كانوا لا يحرمونه على مريديهم تحريما مطلقا. سئل بعضهم: ما بالكم لا تحضرون مجالس السماع؟ فقال: «ليس تركنا مجلس السماع كراهية وإنكارا، ولكن خشية أن يظهر علينا من أحوالنا ما نسره، وذلك عزيز علينا .»
97
وأما الذكر (أي ذكر اللسان) فقد فضلوا ذكر القلب عليه لما فيه أيضا من معنى الإعلان عن الحال. وكذلك كرهوا البكاء في السماع والذكر ونحوهما إذ كان في البكاء إعلان عن حال الباكي وإباحة بالسر الذي بينه وبين ربه، وطالبوا مريديهم بالصمت والكمد بدلا منه. وقد لاحظوا في كراهية البكاء معنى آخر علاوة على إعلانه الحال، وهو أن في البكاء تفريجا عن نفس الباكي ولذة له، وهذه اللذة وحدها كافية في نظرهم في إبطال قيمة البكاء؛ ولذلك أحلوا الكمد محله ولم يبيحوا من البكاء إلا بكاء الأسف كما قدمنا.
الرياء في العلم
وثالث الأشياء التي حرص الملامتية على كتمانها واعتبروا الجهر بها رياء وادعاء هو العلم، فالملامتي لا ينظر إلى علمه ولا يعترف بأن له علما جديرا بأن يعتز به أو يظهر به للناس؛ لأن رؤية العلم - كرؤية الحال والأعمال - من الحجب الكثيفة بين العبد وربه.
وحججهم في إنكار العلم ما يأتي:
أولا:
أن علم العبد من علم الله وأنه لا يساوي شيئا بالنسبة إلى علم الله المحيط بكل شيء، فالظهور به محض إعجاب ورياء.
ثانيا:
Página desconocida