مفعول أول و"بلدا "مفعول ثان و"آمنا "نعت له، وأشار إليه فى سورة إبراهيم بعد استقراره ﴿بلدا﴾ فجرى البلد على اسم الإشارة نعتا له وآمنا مفعول ثان قاله صاحب كتاب الدرة وهو عندى بعيد إذ ليس بمفهوم من لفظ الآى وهو بعد ممكن والله أعلم.
الآية الثالثة والعشرون: قوله تعالى: "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم " وفى آل عمران: "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " وفى الجمعة: "هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة "، فقدم فى الأولى "ويعلمهم الكتاب والحكمة " وأخر "ويزكيهم " وورد فى السورتين بعد على العكس من ذلك فللسائل أن يسأل عن وجه ذلك.
والجواب عنه - والله أعلم - أنه لما كانت دعوة إبراهيم ﵇ قبل وجود الضلال فى الذرية المدعو لها وانما تحصل لهم من تزكيتهم ورفع ضلالهم المتوقع وقوعه بما يمنحونه من التعليم وما يتلى عليهم من الآيات لأن ذلك هو السبب فى حصول التزكية والسلامة من الضلال إذا وفقوا للانقياد له ألا ترى أن ارتباط التزكية بأعمال الطاعات قال تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " وانما كانت تزكية لهم بانقيادهم للطاعة فيما يطالبهم به من ذلك ويأخذه منهم فتأخر ذكر التزكية المسببة عما به تحصل وذلك بعد هدايتهم للإيمان فجاء على الترتيب من بناء المسبب على سببه.
ولما كان مقصود الآيتين الأخيرتين إنما هو ذكر الامتنان عليهم بهدايتهم بعد الضلال الذى كان قد وجد منهم والتعريف بإجابة دعوة إبراهيم ﵇ أخر ذكر تعليمهم الكتاب والحكمة المزيلين لضلالهم ليكون تلوه ذكر الضلال الذى أنقذهم الله منه بما علمهم وأعطاهم وأمتن عليهم وهو ثانى المسببين، فكان الكلام فى قوة أن لو قيل: ويعلمهم ما به زوال ضلالهم، وأخر فى هاتين الآيتين ذكر السبب ليوصل بمسببه الأكيد هنا الذى كان قد وقع وهو رفع ضلالهم من عظيم محنته ولو أخر ذكر التزكية لما أحرز هذا المعنى المقصود هنا فاختلاف الترتيب إنما هو بحسب اختلاف المقصدين ورعى ما ذكر فورد كل على ما يجب ويناسب والله أعلم بما أراد.
الآية الرابعة والعشرون: قوله تعالى: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ".
للسائل أن يسأل عن وجه تكرر هذه
1 / 51