Manuscritos de las obras de teatro de Mustafa Mumtaz
مخطوطات مسرحيات مصطفى ممتاز
Géneros
في ذات ليلة ذهبت إلى دار الأوبرا أشاهد رواية لفرقة عكاشة، فوجدت هناك زميلا لي بمدرسة الحقوق ... سألته عما جاء به إلى ذلك المكان، لعلمي أنه ليس من المهتمين بمسرح ولا بروايات، فأجابني أن شقيقه هو مؤلف الرواية التي نشاهدها ... فعجبت لذلك وسررت به وقلت له: عرفني بأخيك هذا! وعرفت من صار بعد ذلك صديقي وشريكي في مسرحية غنائية هي «خاتم سليمان» مصطفى أفندي ممتاز الموظف بقسم الشياخات والعمد بوزارة الداخلية ... كان مصطفى ممتاز قد توظف بالبكالوريا ولم يستمر في الدراسة العليا مثل أخيه زميلي بالحقوق ... لكنه كان فيما رأيت منه أرسخ قدما في اللغتين العربية والإنجليزية وأوسع اطلاعا وأمتع حديثا ... وعلى جانب كبير من الموهبة والإحساس بالفن والحب الصادق للمسرح ... فكنت أجد فيه الصديق الذي ترتاح إليه نفسي، ولم أحفل كثيرا بأخيه زميل الدراسة ... كنت أزور مصطفى هذا في بيته من حين إلى حين ... كان متزوجا وله أولاد ... فكنا نقضي وقتا طويلا في حجرة الجلوس نتحدث في الفن والمسرحيات ... كان يصغى إلى اطلاعي في المسرحيات الفرنسية، وأصغى إلى اطلاعه في المسرحيات الإنجليزية التي كان يطلبها بالبريد من لندن في سلسلة مسرحية زهيدة الثمن، فنحاول أن نستعرض ما نجد هنا أو هناك مما يصلح في نظرنا للترجمة أو ما يغرينا بالتمصير ... وقع اختيارنا أنا ومصطفى ممتاز على موضوع شيق كنت قد طالعته في إحدى الروايات الفرنسية، ربما كان اسمها «غادة ناربون» استطعنا أن نخرج منه مسرحية غنائية لفرقة عكاشة ... جعلنا هذا الموضوع يحدث في مدينة شرقية في عصر قديم ... وأسمينا المسرحية «خاتم سليمان».
10
هذه القصة التي رواها الحكيم عن بداية معرفته بمصطفى ممتاز؛ تمثل أهم المعلومات التي يمكن لأي باحث الحصول عليها في الكتابات الحديثة والمعاصرة عن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز! وبسبب شهرة الحكيم ومكانته يعتقد القارئ أن مصطفى هذا ما هو إلا شريك ثانوي في بداية نشاط الحكيم المسرحي. وبمعنى آخر أن الحكيم هو الأساس وممتاز هو الفرع؛ خصوصا في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»، رغم أن العكس هو الصحيح! فالحكيم في حديثه السابق يؤكد أن بداية لقائه بممتاز كانت أثناء مشاهدته لإحدى مسرحيات فرقة عكاشة المكتوبة من قبل ممتاز. ورغم أن الحكيم لم يذكر تاريخ هذا اللقاء، إلا أن المنطق التاريخي يقول إن هذا اللقاء كان في أكتوبر عام 1922م، عندما مثلت فرقة عكاشة مسرحية «الخطيئة» لمصطفى ممتاز، لأن بعدها مباشرة بدأ ممتاز مع الحكيم اقتباس مسرحية «خاتم سليمان» - كما سيتضح لنا لاحقا - وهذا يؤكد أن معرفة الحكيم بممتاز بدأت قبل أن يخط الحكيم سطرا واحدا في كتاباته المسرحية، سواء النقدية أو الإبداعية.
وهذه المعرفة تمت في هذا التاريخ بين المؤثر مصطفى ممتاز - الأستاذ الكبير في الكتابة المسرحية - والحكيم المتأثر بأسلوب هذا الأستاذ وتعاليمه؛ الذي ذكره الحكيم في مذكراته بصورة هامشية؛ لا تليق بنشاط ممتاز المسرحي، ولا بتاريخه. وهذا الموقف كرره الحكيم مرة أخرى؛ عندما تحدث عن لقاء آخر جمعه بمصطفى ممتاز؛ فسجله الحكيم في كتاباته من غير أن يذكر اسم ممتاز!
يقول الحكيم: «في حياتي الفنية جانب مجهول أردت ألا أعترف به ورأيت أن أقصيه، وأن أسدل عليه الستار؛ لأنه في نظري اليوم لا يتصل بأدبي ولا يجوز أن يدخل في عداد عملي ... ذلك هو عهد اشتغالي بكتابة القصص التمثيلي لفرقة عكاشة حوالي عام 1923 ... غير أن المصادفة شاءت أخيرا أن ألتقي بمن يذكرني بهذا العهد، ويعرض علي طرفا مما كنا نعمل في ذلك الحين ... ذلك روائي اشترك معي في قطعة موسيقية قام بتلحينها المرحوم كامل الخلعي ... ثم انقطع عن الفن منذ ذلك الوقت وشغلته شئون الحياة ... ثم اختلينا فجعل ينشد لي بعض أغاني رواياتنا القديمة وأنا في ذهول! شد ما تغيرت أنا، وتغيرت نظرتي للفن مرات ومرات خلال تلك السنوات! ولكنه هو باق كما كان على احترام تلك القواعد والمثل التي كانت هدفنا ومرمى أبصارنا في الكتابة المسرحية .»
11
وإذا كان من حق توفيق الحكيم - في هذا القول - أن يقصي من حياته جانبا حقيقيا؛ لا يريد تذكره؛ متنكرا لجانب من إبداعه المسرحي ... فليس من حقه نكران من أخذ بيده في بداياته المسرحية، جاحدا فضله متنكرا لاسمه، الذي لم يذكره مشيرا إليه بعبارة «روائي اشترك معي»، والحق أن الحكيم هو المشارك له! والغريب أن الحكيم تنكر حتى لاسم المسرحية فلم يذكرها، واكتفى بوصفها «قطعة موسيقية»؛ رغم أنها مسرحية كاملة عرضت على مسرح حديقة الأزبكية فترة طويلة تحت اسم «خاتم سليمان»!
وربما يشعر القارئ بأنني أحاول جاهدا أن أثبت أن توفيق الحكيم تأثر في كتاباته المسرحية بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته الفنية؛ رغم ما يعترض هذا الطرح من حقيقة شائعة - قال بها كل من كتب عن مسرح الحكيم، وقال بها الحكيم نفسه - هذه الحقيقة تقول: إن أول مسرحية كتبها الحكيم كانت مسرحيته المقتبسة «العريس».
12
قبل أن يشارك ممتاز في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»! وهذا يعني أن الحكيم مارس الكتابة المسرحية قبل أن يتعرف إلى مصطفى ممتاز! ومن الأدلة على ذلك خطاب الحكيم لطليمات - السابق - الذي وقع عليه الحكيم بقوله: «حسين توفيق الحكيم كاتب رواية «العريس» و«خاتم سليمان».» أي إن الحكيم يقر بأن مسرحية «العريس» كانت قبل مسرحية «خاتم سليمان»! حتى التاريخ يؤيد هذا؛ فقد عرضت فرقة عكاشة مسرحية «العريس» أولا، ثم عرضت مسرحية «خاتم سليمان» بعد ذلك! فهل يمكن - بعد كل هذه الأدلة - الزعم بأن الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز في كتاباته المسرحية؟
Página desconocida