184

Colección de Cartas, Cuestiones y Fatwas

مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى

Editorial

دار ثقيف للنشر والتأليف

Número de edición

الطبعة الأولى

Año de publicación

١٣٩٨هـ

Ubicación del editor

الطائف

Géneros

Fatwas
وهذا المعترض وأمثاله ادعوا تعظيم رسول الله ﷺ بما قد نهى عنه من الغلو والإطراء، وهضموا ربوبية الله وتنقصوا الهيته، وأتوا بزخارف شيطانية، وحاولوا أن يكون حق الله من العبادة التي خلق لها عبادة نهبًا بين الأحياء والأموات هذا يصرفه لنبي، وهذا لملك وهذا لصالح أو غير هؤلاء ممن اتخذوهم أندادًا لله، وعبدوا الشياطين بما أمروهم به من ذلك الشرك بالله، فإن عبادتهم للأنبياء والصالحين إنما تقع في الحقيقة على من زينها لهم من الشياطين وأمرهم بها كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ ونحو هذا الآية كثير في القرآن. ولما ذكر العلامة ابن القيم ﵀ ما وقع في زمانه من الشرك بالله قال: وهذا هضم للربوبية وتنقص للألهية وسوء ظن برب العالمين وذكر أنهم ساووهم بالله في العبادة كما قال تعالى عنهم وهم في النار: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ . وأما ذكره عن خالد الأزهري فخالد وما خالد أغرك منه كونه شرح التوضيح والآجرومية في النحو، وهذا لا يمنع كونه جاهلًا بالتوحيد الذي بعث الله به رسوله ﷺ كما جهله من هو أعلم منه، ممن لهم تصانيف في المعقول كالفخر الرازي وأبي معشر البلخي ونحوهما ممن غلط في التوحيد، وقد كان خالد يشاهد أهل مصر يعبدون البدوي وغيره فما أنكر في ذلك في شيء من كتبه ولا نقل عنه أحد أنكاره فلو صح ما ذكر خالد من حال الناظم لم يكن جسرًا تذاد عنه النصوص من الآيات المحكمات القواطع والأحاديث الواضحات البنات كقوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ وقوله ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ وقول النبي ﷺ: "من مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار". وقد استدرج الله أهل الشرك بأمور تقع لهم يظنونها كرامات عقوبة لهم، وكثير منها أحوال شيطانية أعانوا بها أولياءهم من الإنس كما قد يقع كثيرًا لعباد الأصنام، وما أحسن ما قال بعضهم شعرًا: تخالف الناس فيما قد رأوا ورووا ... وكلهم يدعون الفوز بالظفر فخذ بقول يكون النص ينصره ... إما عن الله أو عن سيد البشر وقد حاول هذا الجاهل المعترض صرف أبيات البردة عما هو صريح فيها نص فيما دلت عليه من الشرك، والالهية مشاركة الله في علمه، وملكه وهي لا تحتمل أن تصرف عما هي فيه من ذلك الشرك والغلو، فما ظفر هذا المعترض من ذلك بطائل غير أنه وسم نفسه بالجهل والضلال والزور والمحال، ولو سكت لسلم من الانتصار لهذا الشرك العظيم الذي وقع فيه.

1 / 196