151

Colección de Cartas, Cuestiones y Fatwas

مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى

Editorial

دار ثقيف للنشر والتأليف

Número de edición

الطبعة الأولى

Año de publicación

١٣٩٨هـ

Ubicación del editor

الطائف

Géneros

Fatwas
ذلك عن كعب ووهب ومالك بن دينار ونحوه ممن ينقل عن أهل الكتاب لم يجز أن يحتج به، لأن الواحد من هؤلاء، وإن كان ثقة فغاية ما عنده أن ينقل من كتاب من كتب أهل الكتاب، أو يسمعه من بعضهم فإنه بينه وبين الأنبياء دهر طويل، والمرسل عن المجهول من أهل الكتاب الذي لا يعرف علمه وصدقه لا يقبل باتفاق المسلمين، ومراسيل أهل زماننا عن نبينا ﷺ لا تقبل عند العلماء مع كون ديننا محفوظًا محروسًا فكيف بما يرسل عن آدم وإدريس ونوح وأيوب عليهم ﷺ والقرآن قد أخبرنا بأدعية الأنبياء وتوباتهم واستغفارهم وليس فيها شيء من هذا، وقد نقل أبو نعيم في الحلية أن داود ﵇ قال: يا رب أسألك بحق آبائي عليك... إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال: يا داود وأي حق لآبائك علي، فإن كانت الاسرائيليات حجة فهذا يدل على أنه لا يسأل بحق الأنبياء وإن لم تكن حجة لم يجز الاحتجاج بتلك الاسرائيليات انتهى كلامه، فبين رحمه الله تعالى أنه لم يصح في ذلك شيء عن النبي ﷺ وأن جميع ما روي في ذلك باطل لا أصل له. وأما قوله: وأما التوسل بالنبي ﷺ خاصة فقد رأيت لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نقلًا في جواز ذلك عن ابن عبد السلام. فنقول قد تقدم أن التوسل المشروع هو التوسل إلى الله بالأسماء والصفات، والتوحيد، وكذلك التوسل بمحبة النبي ﷺ، والإيمان به وطاعته، وكذلك التوسل بدعائه وشفاعته وكل هذا مشروع بلا ريب، وأما التوسل بنفس الذات فقد قدمنا أن كثيرًا من العلماء نهوا عن ذلك وجعلوه من البدع المكروهة المحدثة، وبعضهم رخص في ذلك وهو قول: ضعيف مرود، وعز الدين بن عبد السلام أنكر التوسل إلى الله بغير النبي ﷺ وأم التوسل بالنبي ﷺ فعلق القول بجوازه على صحة حديث الأعمى لأنه فهم من الحديث أن الأعمى توسل بذات النبي ﷺ. وأم الجمهور فقد حملوا حديث الأعمى على انه توسل بدعاء النبي ﷺ كما كان الصحابة يتوسلون به في الاستسقاء كما في حديث أنس الذي رواه البخاري في صحيحه وقد تقدم وشيخنا ﵀ نقل كلام العز بن عبد السلام، ليبين أن مسألة التوسل بغير النبي ﷺ بدعة مكروهة، وأما التوسل بالنبي ﷺ فأجاوزه بعض العلماء كالعز بن عبد السلام، والسائل فهم من نقل الشيخ أنه اختاره، وليس الأمر كذلك، بل الذي اختاره رحمه الله تعالى هو الذي ذهب إليه الجمهور أن ذلك بدعة محدثة لم يفعلها الصحابة، ولا التابعون، فإنه لم بنقل عن أحدهم أنه توسل بالنبي ﷺ بعد موته كما قدمناه. وأما قوله: وأما التوسل بغير الأنبياء فيوردون أن عمر توسل بالعباس في الاستسقاء. وقد نقلنا بيانه بما فيه الكفاية وبينا أن التوسل بدعاء الصالحين في الاستسقاء وغيره مشروع كما فعله الصحابة لما توسلوا بالعباس ويزيد بن الأسود، وليس كلامنا

1 / 163