فانظر كم بين علتهم وعلة غيرهم! فيسرك بعد هذا أن يتحول ابنك في مسلاخ صالح الزرازريشي، أو في طباع ابن بادام، أو في عقل ابن سامري.
فإن زعموا أن أصحاب السلطان يعرض مكروه فليعلموا أن كل مسافر فبعرض مكروه، وقد قال بعض الحكماء: " المسافر ومتاعه على قلت إلا من حفظ الله "، يعني على هلاك.
وراكب البحر أشد خطرا، ومشتري طعام الأهواز أشد تهورا، ورافع الشراع بعرض هلكة. والمتعرض للملاحة والمعرض نفسه للسباع أقل شفقة. وسكان الجزائر والسواحل أحق بالتعرض، وأولى بالخوف. والمنهوم بالطعام الردي، والمدمن للشراب أشبه بأصحاب التغرير، والمتباري في ذلك والمتزيد منه أحق بتوقع الحدثان وحوادث الأزمان، قد جرت عليه عادة الدهر وسيرة الأيام. وهذا كله أحق بالاهتمام.
Página 48