قوله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ (١).
وقال ابن مسعود عند ذكر معاذ ﵁: إن معاذًا كان أمة قانتًا للَّه.
ثم قال: الأمة: معلم الخير، والقانت: المطيع للَّه ورسوله (٢). وأصل القنوت: لزوم الطاعة والخضوع، وفسر بكل منهما قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (٣).
وَقِيلَ: القنوت القيام، وبه فسر قوله ﷺ لما سئل: أي الصلاة أفضل؟ قال: "طُولُ القُنُوتِ" (٤)، لكنه ليس مطلق القيام، بل القيام مع الخضوع فيكون هنا معنى القانت: القائم بما أمره اللَّه.
و"الحنيف": المائل إلى ملة الإسلام غير الزائل عنه.
و"الحنف": هو الميل عن الضلال إلى الاستقامة، وتحنف الرجل: إذا تحرى طريق الاستقامة.
وكان العرب تسمي كل من اختتن أو حج حنيفًا، تنبيهًا على أنه على دين إبراهيم ﵊، ومنه ما جاء في بعض روايات بدء الوحي: كان رسول اللَّه ﷺ يجاور في حراء في كل سنة شهرًا، وكان ذلك مما تحنف به قريش في الجاهلية.
والتحنف: التبرر، قال السهيلي: لأنه من الحنيفية دين إبراهيم ﵇ (٥).
ثم أكد ﷾ ذلك بنفي الشرك عنه؛ ردًّا على قريش في زعمهم أنهم على ملة إبراهيم ﵇ وهم مشركون وهو ﵊ لم يكن مشركًا بل كان حنيفًا على دين الإسلام.
أخبرنا شيخنا أبو الفضل سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن المقدسيان بقراءتي على كل منهما قال: أنا جعفر بن علي المقرئ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمد