فعيسى ﷺ كان رحمة من اللَّه لمن اتبعه وأطاعه كما قال ﷺ: "إِنَّمَا أَنَّا رَحْمَةٌ مُهدَاة" (١) وهذا الوجه يلزم منه تسمية النبي ﷺ روح اللَّه ولم يطلق عليه، والأولان أقوى.
وقيل أيضًا فيه وجه رابع: وهو أن المراد بالروح ها هنا جبريل ﵇؛ لأنه يطلق عليه الروح، قال اللَّه تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ (٢) ويكون "رُوح" هنا معطوفًا على الضمير المستكن في ﴿أَلْقَاهَا﴾ وتأويله: ألقاها اللَّه إلى مريم وجبريل.
ومعنى ﴿مِّنْهُ﴾ أي: بإذنه وأمره، كقولك: قلت لفلان منك قولًا، أي: بإذنك في ذلك، وهذا وجه صحيح أَيضًا، وعلى الأوجه الأول يكون "رُوح" معطوفًا على "رسول" الخبر.
وأما ﴿أَلْقَاهَا﴾ فهو في موضع الحال، و"قَدْ" مقدرة معه، هذا على قول الجمهور، وأما عند سيبويه فإنه يمنع وقوع الماضي المثبت حالًا إلَّا بأن يلفظ بـ "قَدْ" معه، وفي [. . .] (٣)
﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ (٤) إنما جمع الرسل لأن المراد أن يدخلوا في دين الإِسلام، فلو قيل: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ لتوهم عود الضمير إلى عيسى ﵇ ولم يكن فيه حمل على الدخول في هذا الدين، وأما الإيمان باللَّه وجميع الرسل فإنه