41

Majmuc Fatwas

مجموع الفتاوى

Editorial

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Ubicación del editor

السعودية

فَصْلٌ: وَالْعَبْدُ كُلَّمَا كَانَ أَذَلَّ لِلَّهِ وَأَعْظَمَ افْتِقَارًا إلَيْهِ وَخُضُوعًا لَهُ: كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ، وَأَعَزَّ لَهُ، وَأَعْظَمَ لِقَدْرِهِ، فَأَسْعَدُ الْخَلْقِ: أَعْظَمُهُمْ عُبُودِيَّةً لِلَّهِ. وَأَمَّا الْمَخْلُوقُ فَكَمَا قِيلَ: احْتَجْ إلَى مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ، وَاسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ، وَأَحْسِنْ إلَى مَنْ شِئْت تَكُنْ أَمِيرَهُ، وَلَقَدْ صَدَقَ الْقَائِلُ: بَيْنَ التَّذَلُّلِ وَالتَّدَلُّلِ نُقْطَةٌ … فِي رَفْعِهَا تَتَحَيَّرُ الْأَفْهَامُ ذَاكَ التَّذَلُّلُ شِرْكٌ … فَافْهَمْ يَا فَتًى بِالْخُلْفِ (١) فَأَعْظَمُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ قَدْرًا وَحُرْمَةً عِنْدَ الْخَلْقِ: إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِمْ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ إلَيْهِمْ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمْ: كُنْتَ أَعْظَمَ مَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ، وَمَتَى احْتَجْتَ إلَيْهِمْ - وَلَوْ فِي شَرْبَةِ مَاءٍ - نَقَصَ قَدْرُكَ عِنْدَهُمْ بِقَدْرِ حَاجَتِكَ إلَيْهِمْ، وَهَذَا مِنْ حِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، لِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَلَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ. وَلِهَذَا قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ، لَمَّا سُئِلَ فِيمَ السَّلَامَةُ مِنْ النَّاسِ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ شَيْؤُك لَهُمْ مَبْذُولًا وَتَكُونَ مِنْ شَيْئِهِمْ آيِسًا، لَكِنْ إنْ كُنْتَ مُعَوِّضًا لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَكَانُوا مُحْتَاجِينَ، فَإِنْ تَعَادَلَتْ الْحَاجَتَانِ تَسَاوَيْتُمْ كَالْمُتَبَايِعَيْن لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَضْلٌ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانُوا إلَيْكَ أَحْوَجَ خَضَعُوا لَكَ. فَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ: أَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيْهِ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إلَيْهِ. وَأَفْقَرُ مَا تَكُونُ

(١) هكذا بالأصل

1 / 39