139

Majmuc Fatwas

مجموع الفتاوى

Editorial

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Ubicación del editor

السعودية

أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ﴾ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ؛ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ.
وَمَعَ عِلْمِ الْمُؤْمِنِ أَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُنْكِرُ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ كَمَا جَعَلَ الْمَطَرَ سَبَبًا لِإِنْبَاتِ النَّبَاتِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ وَكَمَا جَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ سَبَبًا لِمَا يَخْلُقُهُ بِهِمَا وَكَمَا جَعَلَ الشَّفَاعَةَ وَالدُّعَاءَ سَبَبًا لِمَا يَقْضِيهِ بِذَلِكَ مِثْلُ صَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِنَازَةِ الْمَيِّتِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَيُثِيبُ عَلَيْهَا الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ فِي الْأَسْبَابِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ السَّبَبَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْمَطْلُوبِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ أَسْبَابٍ أُخَرَ وَمَعَ هَذَا فَلَهَا مَوَانِعُ. فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ اللَّهُ الْأَسْبَابَ وَيَدْفَعْ الْمَوَانِعَ: لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ وَهُوَ - سُبْحَانَهُ - مَا شَاءَ كَانَ - وَإِنْ لَمْ يَشَأْ النَّاسُ - وَمَا شَاءَ النَّاسُ لَا يَكُونُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الشَّيْءَ سَبَبٌ إلَّا بِعِلْمِ فَمَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا سَبَبًا بِلَا عِلْمٍ أَوْ يُخَالِفُ الشَّرْعَ: كَانَ مُبْطِلًا مِثْلَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ سَبَبٌ فِي دَفْعِ الْبَلَاءِ وَحُصُولِ النَّعْمَاءِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ﴿: أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرِ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ﴾ . الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَعْمَالَ الدِّينِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا شَيْءٌ سَبَبًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً؛ فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوْقِيفِ؛ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُشْرِكَ بِاَللَّهِ فَيَدْعُوَ غَيْرَهُ - وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ فِي حُصُولِ بَعْضِ أَغْرَاضِهِ -

1 / 137