500

Majmuc

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

Géneros

Fiqh chií

الحمد لله مستحق الحمد وربه، الذي جعل الحمد آلة للشكر، والشكر سببا للمزيد، وجعل نفع ذلك عائدا على عبده، إذ العبادة لا تزيد ملكه، والمعصية لا تثلم سلطانه، الغني الحميد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، حمدا كثيرا، بكرة وأصيلا، كما هو أهله ومستحقه، أعطى من الرزق فوق الحاجة، وكلف من العبادة دون الطاقة، وعرف سبيل النجاة بأوضح برهان، وحد منهاج الضلال بأبين بيان، لم يشغله شأن عن شأن، ولا ينأى به مكان عن مكان، وصلى الله على محمد المحمود، المنتخب من طينة الكرم والجود، شريف الآباء والجدود، المصطفى للرسالة، المؤيد بالدلالة، المعصوم من الضلالة، المنزه عن الجهالة، وعلى أهل بيته الأبرار، المنتخبين الأخيار، الذين جعلهم بين الحق والباطل فرقانا، وأنزل في وجوب مودتهم قرآنا، فقال لا شريك له على لسان نبيه عليه وعلى آله أفضل الصلاة: ?قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى?[الشورى:23] قيل: يا رسول الله، من قرابتك الذين أمرنا الله بمودتهم؟ فقال: ((فاطمة وولدها)) فهم الذرية الطيبة، والأمة الوسط، والعروة الوثقى، والحبل المتين، والشجرة المباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء، بهم رسخت أوتاد الدين، واتضحت أنوار الحق اليقين، وحرس علم النبيين، لأنهم ورثة الكتاب، وتراجمة الحكمة، وبيوتهم مهابط الوحي، ومساقط الرحمة، بهم تفاوتت المنازل، وتفاضلت الدرجات، فمن طلب الحكمة فيهم وفق للصواب، ومن رامها من غيرهم خسر وخاب، وكان سعيه في تباب، ما ظنك بأهل بيت عمره التنزيل، وخدمه جبريل، لحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودمه، وشعره وبشره وعترته، مصابيح الهدى، وأعلام الحجى، وأقمار الدجى، وليوث الوغى، وبحار العطاء، وعبور الحدى، وسيوف اللقاء، جفتهم الأمة، فازدادوها على الجفوة لها نصحا، وباعدتهم فزادهم إليها قربا، وأبغضتهم فمحضوها حبا، استأثرت عليهم بحقهم وبهم نالت ما نالت، وآلت أمورها إلى ما آلت، وهي عنهم نافرة، وإليهم بالمساءة ظافرة، لا قبلت منهم الهداية فتهتدي، ولا وردت عندهم الروي، يقول أحدهم: أخبرني أبي عن أبي، والأب الآخر النبي والوصي سلام الله عليهما وعلى آلهما، فما ظنك بفخار أصله محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين سلام الله عليهم أجمعين.

في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الإسراء، ((أن الرب عز وعلى قال له: من خلفت على أمتك؟ قال: يا رب، أنت أعلم. قال: يا محمد، خلفت عليهم الصديق الأكبر، الطاهر المطهر، زوج ابنتك، وأبا سبطيك. يا محمد، أنت شجرة، وعلي أغصانها، وفاطمة ورقها، والحسن والحسين ثمرها، خلقتكم من طينة عليين، وخلقت شيعتكم منكم ، إنهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلا حبا)) وهذا الحديث من درر الأحاديث الثمينة؛ لأنه قبل النكاح والولادة.

وأما ما حكي من شيعتهم وشدة حبهم، فقد شهد به كربلاء وما جانسه من أيام التمحيص والبلاء، فهم الفرقة الوسطى، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، أحرزوا العلم الأول والآخر، وفازوا بثمينات المفاخر، فما أولاهم بقول الشاعر:

أولئك قوم إن بنوا أحسن البنا .... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا

وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها .... فإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا وإن قال مولاهم على جل حادث .... من الأمر ردوا فضل أحلامكم ردوا

Página 91