Colección de libros y cartas del Imam Husayn ibn Qasim Al-Ayani
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Géneros
وبه نستعين. الحمد الله رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، الأخيار الأبرار الصادقين، ونسأل الله التوفيق لما قصدنا من الإحسان، ونعوذ به من الضلالة والجهل والخذلان، وأشهد أن لا إله إلا الله، الحق اليقين، الواحد الأحد الصمد المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفوته ووليه وخليله، بعثه بالحق هاديا إلى الرشاد، وداعيا إلى رحمة الله لجميع العباد، وزاجرا عن الجهل والغي والفساد، فاجتهد صلوات الله عليه غاية الاجتهاد، وأنذر جميع من حوته أقطار البلاد، حتى أتاه ما وعد الله من اليقين، بعد أن أوضح به مسائل حقائق الدين، فصلوات الله عليه وعلى ذريته الصادقين، والحمد لله رب العالمين، فلما قبضه الله إليه، واختار له من الثواب ما لديه، علم أن سيكون من عباده من يحتاج إلى الهدى، وكشف الضلالة عنهم والردى، بذوي الدين والفضل والحجا، ذرية الرسول أئمة الهدى، وأعلام الدين ومصابيح الدجى، فكشف بهم أغطية الضلال، وقمع بهم من عاند الحق من الجهال، وأهل الحيرة الكفرة الضلال، فمن طلب الحق عند غيرهم فقد جهل، ومن عاندهم فقد ضل وخذل، لأن الله لو علم أن العباد يكتفون بعقولهم، لما فرض سؤال آل نبيه عليهم السلام، فمن رأى أن يكتفي عنهم بعقله، فقد وقع في ضلالته وجهله، لأنه كلف نفسه ما لا يطيق، ومن فعل ذلك منع من التوفيق، ومن لم يوفقه الله وقع في العمى، لفراقه للصفوة الحكماء، ولم يزدد بذلك من الحق إلا بعدا، لما تكلف ونصب نفسه له من الهدى، وقد أمر أن يقصد غيره قصدا، لأن الله قد جعلهم معتمدا، ولم يأمر بقصد غيرهم أحدا، فالحمد لله الذي جعلنا من ذريتهم، وبحبوحة نسبهم وذروتهم. وبعد فلما رأينا خبط جميع الناس في الجهل والضلال، وترددهم بين هؤلاء الجهال، واختلافهم في موجبات جميع الأفعال، حدانا ذلك على تبيان جميع الأحوال، ليعمل بذلك من أراد التعلق بذي الجلال، ولا يلتفت إلى غيره من ترهات المقال، وما زخرفه الأوباش من المحال.
فأول ما نبدأ بذكره من الأفعال، فعل الله الواحد الأحد الكبير المتعال، فألطفوا النظر فيما يلقى إليكم من المقال ، فنقول: إن فعل الله يخرج على وجهين، وينقسم في المعقول على قسمين:
أحدهما: فعل فعله بالاختراع، يستخرج بالألباب، مثل فعله لأول ما صنع، وفطر من الأهوية وابتدع، وكذلك خلقه للسماوات والأرضين، فذلك ابتداع من أحكم الحاكمين.
والوجه الآخر: فعله بالعلل بالمعلولات، مثل إثباته للأرض بالجبال الراسيات، ومثل إحراقه للزبد بالنيران، ومثل ضربه للماء بالرياح، ومثل خلقه للحيوانات بعواقب النكاح، ومثل حياته التي أثبتها في الأجسام، وأقرها بطبائع الماء والطعام، ومثل خلقه للأشجار، بما نزل برحمته من الأمطار، وحياة جميع الحيوان والثمار، وهو يقدر مع ذلك أن يخلق جميع الأشياء، كخلقه للهوى والنار والماء، ولكنه أراد أن يدل ذوي الألباب على حكمته، بإصلاح الأنساب بالأسباب، لأنه لا يفعل المعنى بالمعنى، إلا عالم بما صنع وبنى، فنقول: إن الله عز وجل دبر جميع مصالح العباد، بالطبائع الأربع المركبة في جميع الأجساد، لما أراد من المصالح ونفي الفساد، وهي: الحر، والبردن واليبس، والرطوبة، وخالف بينها وجعلها من الأضداد، لما أراد من البيان للعباد، وقد ذكرنا ذلك في كتاب الطبائع، لمن رغب في الحق والرشاد، فأما عرضنا في هذا الكتاب فهو بيان جميع الأفعال، ونفي ما خالف الحق من المقال، وخبط هؤلاء الظلمة الجهال، بما لا تنكره أبدا عقول المكلفين، ولا يقدر على دفعه أحد من الخلق أجمعين.
وأفعال الله عز وجل بالطبائع هي كما ذكرنا، من حياة الأشجار بالماء، فأما التصوير فمن رب العالمين، ولا يكون ذلك أبدا من غير أحكم الحاكمين.
Página 234