وإن أردت أن في قولهم بصحة اشتقاق اسم الفاعل لغير من قام به
المعنى تسليما بأن نسبة أفعال المخلوقين إليهم إنما هي لقيامها بهم، وحلولها فيهم، وأن الله الخالق لها، فهذا لا يؤخذ من كلامهم، ولا يحوم حول مرامهم؛ لأن من قال بصحة الاشتقاق لغير ذي المعنى يقول: لا يشتق إلا لمن أوجده وصدر عنه، كما هو صريح عباراتهم، سواء فسر القيام بالحلول كما ذكرت أم لا، وغائلة حدود ابن الحاجب في اسم الفاعل ونحوه إنما ينشأ عنها أنه لايشتق إلا لمن قام به المعنى، ومرامه بهذا إثبات الصفة الكلامية، وإن كان لا يجديه ذلك، ولا ينتج منه أن الفعل مخلوق فيمن قام به وأنه لا اختيار له فيه، إذا للزم الأشعرية في أفعال الباري تعالى لقولهم: إنه يشتق له لقيام المعنى به تعالى عن أن تكون أفعاله مخلوقة، وأنه غير مختار سبحانه وتعالى ، وذلك لايقول به قائل، فتأمل تصب أيها الناظر، وفقنا الله تعالى وإياك والمؤمنين.
[بحث في التحسين والتقبيح، وإدراكات العقل، وتخليط ابن الأمير في ذلك]
ومما أجاب به مولانا العلامة المؤلف أيده الله وحفظه على الأمير في حاشيته المذكورة مانصه:
قال الأمير في [ج1/صفح 313]: إذا عرفت هذا علمت أن ذكر العاجل والآجل، والإثابة والعقاب تخليط لا يليق بمصنف أن يضمه إلى محل النزاع فيما يدرك العقل... إلى قوله:
إذا عرفت أن إدخال الثواب والعقاب والعاجل والآجل في محل النزاع باطل، قد علمت أن صفة الكمال هي الحسن، وصفة النقص هي القبح، عرفت أنه قد اتفق المعتزلي وخصمه على إدراك العقل لهما.. الخ كلامه.
الجواب: اعلم أيها المطلع وفقنا الله تعالى وإياك أن من ذكر العاجل والآجل لم يقصد إلا أن الاستحقاق ثابت على جهة الاستمرار والدوام، ولم يريدوا باعتبار الآخرة، وأن العقل يدرك تفصيل أحوال الجنة والنار والثواب والعقاب، هذا لا تتطرق إليه الأوهام، ولايقوله عاقل.
Página 44