والعجب من المولى الحسين بن القاسم عليهما السلام كيف لم ينسب الخلاف في جواز التخصيص للكتاب والمتواتر إلا عن الحنابلة بحكاية أبي الخطاب وعن المعتزلة بحكاية الغزالي وعن طائفة من المتكلمين والفقهاء بحكاية عن ابن برهان وعن طائفة من أهل العراق ولم يرفع لخلاف والده الإمام القاسم عليه السلام رأسا ولا رأى في إلغائه عن الحكاية مع جملة المخالفين بأسا، وهو يمنع من ذلك أشد المنع كما صرح بذلك في كتابه الاعتصام.
وقال في الجواب على الخصوم: والجواب والله الموفق أن القرآن معلوم المتن ويجب التمسك بظاهره والحمل على جميع مايتناوله حتى يعلم المخصص له، ويجب البحث عن ذلك والحديث الآحادي ليس معناه ولا لفظه كذلك إلى أن قال: قالوا الظن كاف في صحته. قلنا وبالله التوفيق: ذلك مردود بقوله تعالى: ((إن الظن لا يغني من الحق شيئا)) وقال تعالى: ((إن بعض الظن إثم)) فأنى لهم أن الظن كاف والقرآن يجب التمسك به ، وذلك معلوم من الدين ضرورة مالم يظهر الناسخ والمخصص وتحكيم القرآن على الحديث الآحادي أولى من العكس، لأنه مما علم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة، وأنه مما أنزل الله تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) الاية ونحوها، ولأنه إذا تعارض معنى القرآن المظنون بزعمهم والحديث الآحادي المظنون فالعقل يقضي ضرورة أن معنى القرآن المذكور أرجح، وترجيح ماذلكم شأنه مجرد تحكم. انتهى كلامه عليه السلام.
Página 18