158

فقد كان الإطلاع على رسالة مشتملة على نسبة أقوال هي خلاف الواقع متضمنة للفساد في الاحتجاج، وماكنا نقدر أن تصدر ممن له في العلم قدم راسخ ومن التقوى ورع حاجز، أو ينقاد للذي لفقها له وحمله على نشرها لما هو عليه من الغرور، مع أن المسألة فقهية فرعية لا تستوجب التطويل ولاكثرة القال والقيل، ولو أبدى فيها رأيه بدون تعرض للأعراض ونسبة أقوال لا أصل لها لما كان عليه ملام، وإن كان قد أنكر ذلك وقال: إن الاجتهاد لايثبت بالرأي، ولولا وجوب البيان ورفع التغرير لأعرضنا عن الجواب، وقد كنت توقفت عن الإجابة حتى يكون الإعذار لتأكيد الحجة وكراهة الجدال المورث للفرقة، فتوجه إليه السيد العلامة الولي إبراهيم بن علي الشهاري حفظه الله تعالى لقصد النصح بعد أن تألم من هذه الرسالة هو وغيره من العلماء الأخيار حتى الذين جرى بيننا وبينهم الخلاف في هذه المسألة، ولكنه خلاف على الطريقة المألوفة بين العلماء المنصفين، فوصل إليه وأبلغ المجهود في النصح فأظهر التأسف والاستغفار، فأخبره أنه يلزم البيان فأمره بكتابة ذلك ثم بعد ذلك أوصل إليه ورقة فيها بيان الرجوع عن تلك الرسالة فوافق على ذلك، ثم أضرب عما كتب، وبعد ذلك أرسل رسالة فيها تقرير للأولى، وأنه أجاب بما اقتضاه نظره، وأنه أبدى رأيه وأنه قول جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين وعليه العمل من بعض العلماء الآن، قال: وقد وقع في بعض ألفاظ الجواب عبارات توهم بعض الإخوان العلماء أن ذلك تعريض بمن يلتزم خلاف هذا، وذكر عدم الجواز.. الخ.

ولم يظهر فيه أي رجوع، وكيف يقول عبارات توهم إلى آخره، وهي تصريحات بنسبة أقوال إلى القائلين، لم يقولوا بها كما يراها المطلع ولم ننكر عليه ما نسبه إلى نفسه أو إلى بعض العلماء وأشف مافيها أنه قال: لازلت ولن أزال إن شاء الله تعالى مقتديا بآل رسول الله مقتفيا آثارهم متبعا آراءهم لا أعدل بهم سواهم وسأموت على ذلك إن شاء الله.

Página 149