148

============================================================

الفراض (1) - يعني : ثغرة المخاضة - من الناحية الأخرى؛ ليجوز الناس آمنين ؟ فانتدب عاصم بن عمرو رضي الله عنه وذوي البأس من الناس قريبا من ست مثة، فأعر عليهم عاصم بن عمرو، فوقفوا علي حافة دجلة، فقال عاصم : من يثتدب فيكون أول الناس دخولا في هذا البحر، فيحمي الفراض من الجانب الآخر ؟ فانتدب له ستون من الشجعان المذكورين وكان الأعاجم قد وقفوا صفوفا من الجانب الآخر، فتقدم رجل من المسلمين وقد أحجم الناس عن الخوض في دجلة ، وقال لهم : أتخافون ؟ ثم تلا قوله تعالى : { وما كان لنفين أن تموت إلا پإذن الله كتتبامؤجلا)، ثم اقتحم بفرسه في دجلة ، واقتحم الناس وراءه ، وقد افترق الستون أصحاب الخيل فرقتين، أصحاب الخيل الذكور والخيل الإناث، فلما رآهم الفرس يطوفون على وجه الماء.. قالوا : ديوانا ديوانا؛ يعني : مجانين، ثم قالوا : والله؛ ما تقاتلون إنسأ، إنما تقاتلون جنا، ثم أرسلوا فرسانا منهم في الماء في السفن يلتقون أول المسلمين ليمنعوهم من الخروج من الماء، قأمر عاصم بن عمرو أصحابه آن يشرعوا إليهم الرماح ويقصدوا عيونهم، ففعلوا ذلك بالفرس، فقلعوا عيون خيولهم، فرجعوا فاؤين لا يملكون كف خيولهم، حتى إذا خرجوا من الماء.. تبعهم عاصم وأصحابه، فساقوا وراءهم حتى طردوهم عن الجانب الآخر، ووقفوا على حافة دجلة من الجانب الأخر، ونزل بقية أصحاب عاصم من الست مثة في دجلة، فخاضوها حتى وصلوا إلى أصحابهم من الجانب الآخر، وأزاحوا الفرس عن ذلك الجانب ، وكانوا يسيون الكتيبة الأولى : كتيبة الأهوال ، وأميرها عاصم بن عمرو، والكتيبة الثانية : الكتيبة الخرساء ، وأميرها القعقاع بن وكان سعد رضي الله عنه ينظر ما صنع هلؤلاء الفرسان ، وهو وجيشه على جانب دجلة، فعند ذلك نزل سعد ببقية الجيش، وأمرهم أن يقولوا : باسم الله، نستعين بالله، ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم اقتحم بفرسه في دجلة، واقتحم الناس خلفه الفرسان والرجالة، وجعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض؛ لما حصل لهم من الطمأنينة والأمن والوثوق بأمر الله تعالى ووعده ونصره وتأييده، وكيف لا، وأميرهم أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ؟! وهو (1) الفراض : فوهة النهر.

Página 148