129

============================================================

قال حجة الإسلام الغزالي - رحمه الله - : إن الصديق قال بعد استفراغه : (اللهم؛ إني اعتذر إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء) وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم آخبر بذلك ، فقال : " أوما علمت أن الصديق لا يدخل جوفه إلا طيبا؟1" .

ثم قال الغزالي - رحمه الله - : ولا شك أن أبا بكر الصمديق رضي الله عنه لما أخبر أن اللبن من غير وجهه. . لم يكن ليخفين عليه مع كونه أعلم الناس أن ما تناوله الإنسان من غير علم به أنه لا إثم عليه فيه، ولا يجب في فتوى الفقه استفراغه، ولدكن إنما فعل ذلك؛ لعلو رتبته، وكمال صديقيته، ولسر وقر في صدره، عرفه ذلك السر آن فتوى العامة حديث آخر، وأن خطر طريق الآخرة لا يعرفه إلا الصديقون ، فلذلك استفرغه، وأدخل إصبعه في حلقه ليخرجه حتى كادت روحه تخرج معه ؛ لأنه رآه مؤثرا في قلبه أثرا يمنعه عن بلوغ منزلته وكمال رتبته . انتهن (" الإحياء"0/2، 11/4 بتصرف].

قال النووي - قدس الله روحه - : كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا مدح. . يقول : (اللهم؛ أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم؛ اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون) وقيل له في مرضه : ألا ندعو لك طبيبا ؟ قال : قد نظر إلي ، قالوا : ما قال لك ؟ قال : (قال : إني فعال لما أريد) : ورؤينا في "تاريخ دمشق" (266/30 : عن هشام، عن عروة قال: آسلم ابو بكز رضي الله عنه وله أربعون ألفا، فأنفقها في الله .

وعن خبيب - بضم الخاء المعجمة - ابن عبد الرحمان، عن عمته قالت : (نزل فينا أبو بكر سنتين قبل آن يستخلف وسنة بعد استخلافه، وكانت جواري الحي يأتينه بغنمهن، فيحلبهن لهن) .

وذكر محمد بن سعد [في "طبقاته" 186/3) وغيره بأسانيدهم : آنه كان يحلب لأهل الحي منائحهن(1)، فلما استخلف. قالت جارية من الحي : الأن لا يحلب لنا، فقال : (بلى.. لأحلبنها لكم ، وإني لأرجو الا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه) فكان بعد الخلافة يحلب لهن (1) النائح : جمع منيحة ، وهي : الناقة أو الشاة التي تعطيها لغيرك ثم يردها عليك :

Página 129