79

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر

Editorial

المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1328 AH

Ubicación del editor

تركيا وبيروت

الْقَلِيلَةِ فَلَيْسَ بِمَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ طَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي فَلَا مَدْخَلَ فِي تَنَجُّسِهِمَا (وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ) مِنْ خَبَثٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: ٤] وَالْمَكَانُ بِمَعْنَاهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا: مِنْ خَبَثٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ يُوهِمُ طَهَارَتَهُمَا عَنْ الْحَدَثِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِهِ. (وَسِتْرُ عَوْرَتِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] أَيْ مَا يُوَارِي عَوْرَتِكُمْ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الزِّينَةِ عَنْهَا لَا يُمْكِنُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مَحَلَّهَا إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ وَأُرِيدَ بِالْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ فَإِنْ قِيلَ: الْآيَةُ وَرَدَتْ فِي شَأْنِ الطَّوَافِ لَا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ كَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قُلْنَا: الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَهُنَا عُمُومٌ فِي اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فَقَدْ أُمِرَ بِأَخْذِهِ الزِّينَةَ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَهَذَا مِمَّا يَمْنَعُ الْقَصْرَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَذَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: كَلَامُهُمْ يُوهِمُ كَوْنَ الْمَسْجِدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَدْ قَالُوا قُبَيْلَهُ فِيهِ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ مَتْرُوكًا بِالْكُلِّيَّةِ فِي الِاسْتِعَارَةِ انْتَهَى أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ نُسَلِّمُ الْإِيهَامَ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ وَالْمُجِيبَ يُسَلِّمَانِ كَوْنَ الْمَسْجِدِ هُنَا مَجَازًا مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِّ إلَّا أَنَّ السَّائِلَ يُخَصِّصُ الْمَسْجِدَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُرِيدُ الطَّوَافَ، وَالْمُجِيبُ يُعَمِّمُ وَيُرِيدُ الصَّلَاةَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ لَا اسْتِعَارَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ التَّشْبِيهِ تَدَبَّرْ ثُمَّ إنَّ سِتْرَ الْعَوْرَةِ عَنْ الْغَيْرِ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا السِّتْرُ عَنْ نَفْسِهِ فَفِيهِ خِلَافُ الْمَشَايِخِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ يَرَى عَوْرَتَهُ مِنْ الْجَيْبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ حَتَّى يَحْصُلَ السِّتْرُ التَّامُّ، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَعِمَامَةٍ. (وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَلَيْسَ السِّينُ لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ الْمُقَابَلَةُ لَا طَلَبُهَا، وَالْقِبْلَةُ فِي الْأَصْلِ الْحَالَةُ الَّتِي يُقَابَلُ الشَّيْءُ عَلَيْهَا كَالْجِلْسَةِ لِلْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُقَابِلُونَهَا فِي صَلَاتِهِمْ وَتَقَابُلِهِمْ وَهِيَ شَرْطٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: ١٤٤] ثُمَّ أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى شَطْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى ذَلِكَ. (وَالنِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ الصَّلَاةِ لَا الْكَعْبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] وَلِقَوْلِهِ ﵊ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ حُكْمُ الْأَعْمَالِ وَثَوَابُهَا مُلْصَقٌ بِهَا ثُمَّ أَشَارَ إلَى تَفْصِيلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا فَقَالَ. (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ تَحْتِ سُرَّتِهِ إلَى تَحْتِ رُكْبَتِهِ) فَالسُّرَّةُ لَيْسَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ بِخِلَافِ الرُّكْبَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الرُّكْبَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فِي التَّبْيِينِ الرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ زُفَرُ

1 / 80