Majalis Ramadan - Ahmed Fareed
مجالس رمضان - أحمد فريد
Géneros
أسماء الله الحسنى ومشروعية التوسل بها
قوله: (أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك) توسل مشروع بأسماء الله ﷿، والأسماء الحسنى الله ﷿ هو الذي سمى بها نفسه لكماله سبحانه، وقد عاب الله تعالى الآلهة الباطلة؛ لأنها احتاجت إلى من يسميها، فقال: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ [النجم:٢٣]، فاحتياج المخلوق إلى من يسميه نوع من الفقر، والله ﷿ هو الغني ومن سوى الله ﷿ فقير إليه، فالله تعالى هو الذي سمى نفسه بهذه الأسماء الحسنى واختارها لنفسه.
قوله: (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك)، أو: تفصيل بعد إجمال، فالله ﷿ سمى نفسه بكل الأسماء الحسنى، فأنزل بعضها في بعض كتبه، وعلم بعضها بعض خلقه، واستأثر الله ﷿ بعلم بعضها، وهذا موافق لما يجب اعتقاده من أن الله ﷿ لا يحاط به علمًا.
فنحن لا نعلم كل أسماء الله الحسنى؛ وذلك لعظمته وكماله وجلاله، كما أن الله ﷿ يُرى في الآخرة ولا يُدرك، كما قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢ - ٢٣]، ولكن الإدراك فوق الرؤية كما قال الله ﷿ حاكيًا عن موسى وقومه: ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:٦١ - ٦٢]، فلما حصلت الرؤية وتراءى الجمعان ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:٦١ - ٦٢]؛ لأن الله ﷿ وعده بأن يجعل له هو وهارون سلطانًا فلا يصلون إليهما، فهو يثق بوعد الله ويثق بنصره ﷿، فقال: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:٦٢].
ولما سئل الحبر البحر ابن عباس عن قول الله ﷿: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢ - ٢٣]، وقوله تعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ [الأنعام:١٠٣]، فقال للسائل: سوف أضرب لك مثلًا من خلقه، قال: أترى السماء؟ قال: نعم، قال: أفتدركها، قال: لا، قال: الله أعظم وأجل.
فالسماء خلق من خلق الله ﷿، ننظر إليها فنرى شيئًا من الكواكب غير الشمس والقمر، ولكن الإنسان ينظر إلى السماء ولا يحيط بها علمًا فيعلم كل ما في السماء من أجرام وكواكب وشموس وأقمار وغير ذلك، فإذا كان خلق من خلق الله لا نستطيع أن ندركه، فكيف بالخالق الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وعلا فوق كل شيء ﷾.
فالله ﷿ له أسماء غير هذه الأسماء التي أشار إليها في الحديث الثابت في الصحيحين: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة) فالله ﷿ له أسماء غير التسعة والتسعين، وهذا كما قال شيخ الإسلام شبيه بقول النبي ﷺ: (إن في الجنة مائة درجها أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض)، فمن بين درجات الجنة التي لا نعلم عددها مائة درجة أعدها الله ﷿ للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض.
كذلك من جملة الأسماء التي لا يعلم عددها ووصفها إلا الله ﷿ تسعة وتسعين اسمًا موجودة في الكتاب والسنة الصحيحة، من أحصاها قيل: حفظها، وقيل: أثنى على الله ﷿ بها، وقيل: عمل بمقتضاها، فإذا قال: الرزاق وثق بالرزق، وإذا قال: التواب وثق بالتوبة وهكذا.
4 / 3