============================================================
12 مجالس ابن الجوزي في المتشابه من الآيات القرآنية/ النص المحقق ثم أقول: وكيف يمكن أن يقال: إن السلف ما استعملوا التأويل؟ وقد ورد في "لصحيح" عن سيد الكؤنين: أنه قدم له ابن عباس وضوءه، فقال: "من فعل هذا؟".
قلت: أنا يا رسول الله، فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"(1) .
فلا يخلو إما أن يكون الرسول أراد أن يدعو له أو عليه. فلا بد أن تقول: أراد الدعاء له لا دعاء عليه. ولو كان التأويل محظورا لكان هذا دعاء عليه لا له.
ثم أقول: لا يخلو إما آن تقول: إن دعاء الرسول ليس مستجابا، فليس بصحيح.
وإن قلت: إنه مستجاب، فقد تركت مذهبك وبطل قولك إنهم كانوا لا يقولون بالتاويل.
وكيف والله يقول: وما يعلم تأويله إلا الله والرسخون فى العلو ) [آل عمران /7]، فقال: الر[البقرة/1]، أنا الله أعلم(2). كهيعص [مريم/1]، الكاف من كافي، والهاء من هادي، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق(2)، إلى غير ذلك من المتشابه.
ولو كان (الراسخون في العلم) لا يعلمون كما آن الجهال لا يعلمون، سووا العالم بالجاهل، وهل من يعلم كمن لا يعلم؟! وقد فرق الحق بينهما، فقال: {هل يستوى ألزين يعلمون والزين لا يعلمون) [الزمر[9]، والمعنى لا يستوون.
(1) رواه ابن آبي شيبة (383/2) (رقم/32223)، وإسحاق بن راهويه (4/ 230) (2038)، والبزار في مسنده (11/ 282) (رقم/5075)، وأحمد في مسنده (266/1) (رقم/2397) تعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط: "إسناده قوي على شرط مسلم"، والطبراني في الكبير (223/10) (رقم/10614) وفي الأوسط (2/ 112) (رقم/1422) وفي الصغير (1/ 327) (رقم/542)، والحاكم في المستدرك (215/3) (رقم/6280) وصححه ووافقه الذهبي، والآجري في "الشريعةه (5/ 2266) (رقم/1748)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (287/1) (رقم/380)، وأصله في "اصحيح البخاري" (41/1) (رقم/143).
(2) رواه أبو الضحى عن ابن عباس، كما قال المؤلف في "زاد المسير في علم التفسير" (26/1).
(3) انظر: ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير (3/ 117).
Página 172