Majalis
مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}
فقوله تعالى: {فلا تقل لهما أف} فمنطوقه تحريم التأفف، ومفهومه: تحريم الضرب والسب ونحوه.
فالتأفيف مصرح به لفظا، وتحريم الضرب والسب ونحوه مفهوم من لحن الكلام وفحواه. والله أعلم.
وقد فرقوا بين اللحن والفحوى، فالفحوى: ما يعلم من الخطاب بطريق القطع، واللحن: معنى الخطاب.
إذا تقرر هذا فقوله سبحانه وتعالى: {يتلو عليهم آياته ويزكيهم} من مفهومه: القيام بشكر نعم الله وترك كفرانها، ولذلك مدركان يدرك بهما مذكوران في الآية: أحدهما: السمع، ومستنده تلاوة الآيات المشتملة على جميع أحكام الشرع في أفعال العباد.
والمدرك الثاني: حصول التزكية التي منها فتح البصيرة للنظر بعين الاعتبار فيدرك بذلك بعض حكمة الله في كل موجود خلقه الله، إذ ما خلق الله شيئا إلا وفيه حكمة جلية وخفية، بل جميع أجزاء العالم، لا تخلو منه ذرة عن حكمة إلهية، فمن لم يطلع على أحكام الشرع التي تضمنته الآيات التي تتلى عليه في جميع أفعاله، فيمتثل الأوامر ويجتنب النواهي، لم يمكنه القيام بحق شكر الله أصلا.
ومن لم يعرف حكمة الله في خلق نفسه فضلا عن غيره، أو استعمل شيئا من جوارحه ظاهرا أو باطنا في غير الجهة التي خلق لها ذلك الشيء على غير الوجه الذي أريد به: فقد كفر نعمة الله فيه، قال الله عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
فكل من استعمل شيئا من نعم الله في غير طاعته فقد كفر النعمة، والنعمة إذا كفرت نفرت وزالت، وإذا زالت بالكفران قل أن تعود كما كانت.
Página 464