La Mesa de Platón: Conversaciones sobre el Amor
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Géneros
ذيون قد حضر مجالس أفلاطون بصقلية، وسمع كلامه ومال إليه كل ميل، ولما سمع ما جرى على أفلاطون عز عليه، ولم يمكنه مجاهرة الجبار، فسير في السر ثمن أفلاطون، وهو ثلاثون منا إلى النهرواني مبتاعه وسأله بيعه منه، فلم يفعل النهروانى ذلك، وقال هذا حكيم مطلق لنفسه، وإنما وزنت المال لأنقذه من أسره، وسيصير إلى بلاده في سلامة وخير، فلما سمع ذيون نسيب الجبار هذا القول استرجع الثمن، وسيره إلى أقذاميا، واشترى به بساتين هناك، ووهبها لأفلاطون، فمنها كانت معيشته مدة حياته، ولما تحقق ذيونوسيوس خلاص أفلاطون وسلامته ندم على فعله، وتحيل في استصلاحه، وكتب إليه يستميله وتعذر إليه من فعله، ويسأله ألا يذكره بشر في خطبه وأشعاره، فأجابه أفلاطون بأن قال: ليس عندي هذا الفراغ، ولا يمكنني أن أتفرغ له، ولا أجد زمانا خاليا أذكر فيه ذيونوسيوس.
وسار
13
أفلاطون إلى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتابا في النواميس كان وعده به، ولم يعطه إياه. وكان أفلاطون قد عزم على تصنيف كتاب في السير، وهذا الكتاب من موداه، فلما وصل إلى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر، قد فسدت عليه البلاد والرجال، وهو في شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد.
ثم سار إلى صقلية دفعة ثالثة، وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عليه، وتغلب على أكثر البلاد، وكاد أن يستولي، وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحا بين الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون؛ لعلمه بمحبة ذيون له، وقبوله من قوله. وكان أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عليها من المتكلمين لازم له من طريق الحكمة والسياسة المدنية، ويريد بذلك إيصال الراحة إلى الرعية، فلما وصل إلى صقلية أصلح بين الرجلين، ونزل كل واحد منهما منزلته، ووعظهما فاتعظا، وعاد إلى بلاده. وقد كان أهل بلاده أتينس على سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون، فقيل له لم لم تغيرها، فقال هذه سياسة قديمة قد مرت عليها الدهور، ونقلهم عنها فيه عناء شديد، وربما أدى إلى قيل وقال أحتاج أن أستعين فيه على قومي بغيرهم فيكون ذلك سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل. ثم جسهم فثاروا، فسكنهم وثبتهم وتركهم على ما هم عليه، وانبسط عذره عند من قال له ما قال، ولازم مدرسته، وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين؛ إحداهما يقال لها الستانيا من بلاد أرقاديا، والأخرى أقسوثيا من بلاد فليوس، وكانت نفسه في التعليم مباركة، تخرج عليه جماعة علماء اشتهروا من بعده؛ فمنهم أسبوسبوس من أهل أثينا، وهو ابن أخت أفلاطون، وأقسنوقراطيس من أهل خلقيدونا، وأرسطوطاليس من أهل أسطاغيره، وبرقلوس من أهل نيطس، واستياؤس من بارنتوس، وأرختس من أهل طارلطيني، وزيون من سوراقوسا، وأمقلاس من أهل اصطنادس، وأرسطوس وقورسقس من أهل أسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس، وأؤن من لمساقوس ومناديموس من أهل أراثرس، وأراقيلدس من آبوس ، وتياثالس وقالبوس من أتنيس، وديماطريوس من أنتفيبوليس، وغير هؤلاء كثير. وكان أفلاطون إذا حضره أصحابه للتعلم قام على رجليه، وألقى عليهم الدروس من العلم، وهو يمشي حول البساتين التي وقفها عليه ذيون فيأخذون عنه ما يلقيه عليهم وهم على تلك الحالة، فسموا المشائين بذلك (هذا خطأ وقع فيه القفطي كغيره).
ولما استكمل إحدى وثمانين سنة من عمره مات ودفن بالبساتين في أقاذاميا، وتبع جنازته كل من كان بأثينا، والذي خلفه من التركة البساتين المذكورة، وخلف مملوكين وقدحا وجاما وقرطا من ذهب كان يلبسه وهو غلام، وهو لباس أشراف يونان في ذلك الزمان. وأما ما صار إليه من ذيونوسيوس جبار صقلية ومن غيره من الأصدقاء فإنه أنفقه في تزويج بنات أخته، وفي الإحسان إلى الأصدقاء؛ لأنه كان من أهل الرياضة والإيثار يعلم غيره السياسة، فكيف لا يستعملها، ولما قبر كتب على قبره بالرومي ما تفسيره بالعربية: «ها هنا موضع رجل وهو أرسطوقليس الإلهي، وقد تقدم الناس وعلاهم بالعفة وأخلاق العدل؛ فمن كان يمدح الحكمة أكثر من سائر جميع الأشياء فإنه يمدح هذا جدا؛ لأن فيه أكثر الحكمة، وليس في ذلك حسد.» هذا من الجهة الواحدة على القبر، ومن الجهة الأخرى: «أما الأرض فإنها تغطي جسد أفلاطون هذا، وأما نفسه فإنها في مرتبة من لا يموت.»
الفيلسوف الأعظم أرسطوطاليس
ولد أرسطو في بلدة ستاجيريا (أسطاغير) في مقدونيا في سنة 384 قبل المسيح، وكان أبوه نيكوماكوس عالما طبيعيا، وكان طبيبا لأمينتاس الثاني ملك مقدونيا، وقد تعرف أرسطو صغيرا بفيليب ابن أمينتاس في بلاط أبيه فتصادقا، ولما مات والداه وهو فتى تولى شأنه بروكسينوس، وبعث به في السابعة عشرة من عمره إلى أثينا ليتعلم على أفلاطون الذي كان قد جاوز حد الستين فلم يجده؛ لأن أفلاطون كان في صقلية في إحدى الرحلات التي سبق الكلام عليها؛ فبقي أرسطو في انتظاره ثلاث سنين قضاها في التعلم والدرس والاستعداد لتلقي الحكمة؛ فلما عاد أفلاطون والتقى بتلميذه كان أرسطو في العشرين من عمره، وأفلاطون في الخامسة والستين، وبقي أرسطو يتعلم على أفلاطون سبع عشرة سنة؛ فإن أفلاطون مات في الثانية والثمانين من عمره، وكان أرسطو أنبغ تلاميذ أفلاطون، وكان يسميه عقل المدرسة، ويسمي بيته بيت القارئ، وقيل عن حب أرسطو في الدرس إنه كان خشية النعاس ليلا يقبض بيده على كرة من نحاس، ويضع تحتها طستا من نحاس، فإذا أخذته سنة من النوم سقطت الكرة على الطست فنبهته فيعود إلى عمله، وقد بقي أرسطو في أثينا إلى أن مات أفلاطون في 347ق.م.، وقيل إنه مات وهو يكتب.
وكان أرسطو أثناء هذه المدة يزور وطنه، ويلقى الملك فيليب، وقد حفظ لنا التاريخ الكتاب الذي بعث به فيليب إلى أرسطو يذكر فيه مولد ولده إسكندر، ولما مات أفلاطون كان إسكندر في التاسعة من عمره، ومما يجدر بالذكر أن أرسطو أخذ يدرس البلاغة في أثينا في حياة أستاذه، ولما مات أفلاطون ترك أرسطو أثينا، وكان قد تزوج من بيثياس، وهي ابنة متبناة لأحد تلاميذه هرمياس، وكان يحب زوجته التي ماتت في عنفوان شبابها، وأوصى بأن يدفن رفاتها إلى جانب رفاته. ولما بلغ الثانية والأربعين من عمره دعاه فيليب إلى تعليم ولده إسكندر وهو في الرابعة عشرة من عمره، فقبل الدعوة، وسافر إلى بلاط فيليب حيث قوبل بالإجلال والإكرام، وقد شيدت لذلك مدرسة خاصة، وانضم إلى الإسكندر أولاد النبلاء، فصارت كمدرسة الأنجال التي أنشئت في مصر في القرن التاسع عشر، فأحب الإسكندر معلمه حبا جما، وتعلم عليه أربع سنين، ولما بلغ إسكندر الثامنة عشرة عينه أبوه خليفة ملكه أثناء غيبته في حملة على بيتنيا، واستمر أرسطو في بلاط فيليب إلى أن صار إسكندر ملكا، وقد أقام أرسطو في مقدونيا سبع سنين، ثم تركها في التاسعة والأربعين من عمره، وعاد إلى أثينا، فوجد مدرسة أفلاطون يديرها ابن أخته الذي قلبها «مهندسخانة»، فعينت حكومة أثينا لأرسطو مدرسة الليسيوم بجوار هيكل أبولون.
وكان أرسطو قصيرا ضئيلا حسن الهندام مصابا بإمساك مستعص، وكانت على وجهه النحيل نظرة استخفاف وسخرية لا تفارقه، وقد ألف كثيرا في خلال ثلاث عشرة سنة؛ أي من التاسعة والأربعين إلى الثانية والستين، وكان إسكندر يمده بالمال، فمنحه ثمانمائة تالنت
Página desconocida