الاعتقاد بأن للأئمة نورا إلهيا أو قبسا من نور الله على نحو يرفعهم فوق المستوى البشري المألوف، وغلا بعضهم في ذلك فرأوا أن عليا والأئمة هم صور وأشكال، يتمثل فيها الجوهر الإلهي وأن جثمانية هذا الجوهر ليست إلا حادثا طارئا. (5)
أن هؤلاء الأئمة ومنهم المهدي إنما جاءوا ليواجهوا الدهر، ويرفعوا الظلم ولذلك اقترنت دائما كلمة يملأ الأرض عدلا بكلمة كما ملئت جورا.
وقد كان لبعض الناس في عقيدة المهدوية خرافات غريبة، من ذلك أن بعضهم كان يخرج كل يوم إلى مكان معين قبل طلوع الشمس ينتظر مجيء المهدي؛ لأن بعض الأساطير فيها تحديد مكان الخروج وزمانه، فإذا لم يجدوا شيئا عادوا منكسي الرءوس.
ومنها ما حكاه ابن خلدون أنهم كانوا يحسبون خروج الإمام بحساب الجمل، فيحددون زمان خروجه فإذا كانوا يحسبون خروج الإمام بحساب الجمل، فيحددون زمان خروجه فإذا جاء هذا الوقت، ولم يخرج ادعوا أن هذا التاريخ تاريخ ولادته لا تاريخ خروجه.
على كل حال فإن هذه العقيدة في المهدوية وصفاتها لا تتفق وطبيعة الأشياء، فأي خليفة معصوم وأي إنسان يعرف الغيب، وأي إنسان يختفي ويبقى مختفيا مئات السنين من غير أن يجري عليه الله حكم الموت ثم يكون عنده دائما عينان نضاختان فيهما عسل وماء؟ ... هذه الأشياء كلها لا تجوز إلا على السذج الذين فقدوا عقولهم ... وأظن أن انتباه الرأي العام، وتعقله يقللان في المستقبل من تكرار مأساة المهدوية. وقد نشأت عقائد ثانوية على هامش المهدوية من أهمها: (1)
أولا: فكرة التجديد والمجدين وهي تلاقي ما عند المهدية من أن المهدي يخرج ليلاقي أحداث الزمان، ويرفع الظلم ويحقق العدل. (2)
فكرة الصوفية في القطب والغوث والأبدال، فهي فكرة تلاقي ما يقوله أصحاب النظرية المهدوية في أن المهدي أفاض عليه الله من نوره، وأناله قبسا منه. وسنشرح كل نظرية من هذه النظريات بكلمة تبينها.
فأما التجديد والمجددون فمستند إلى حديث رواه أبو هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». والفكرة في ذاتها وجيهة؛ لأن التشريع دائما يتغير بتغير الزمان والمكان.
Página desconocida