Mahasin Tawil
محاسن التأويل
Géneros
التحريم. فبين أن ما أسكر كثيره فقليله حرام (1). وكذلك نهى عن الخليطين (2) للمعنى الذي نهى من أجله عن الانتباذ في الدباء والمزفت وغيرها. فهذا ونحوه دائر في المعنى بين الأصلين. فكان البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعين ما دار بينهما إلى أي جهة يضاف من الأصلين.
والثالث : أن الله أباح من صيد الجارح المعلم ما أمسك عليك. وعلم من ذلك أن ما لم يكن معلما فصيده حرام إذ لم يمسك إلا على نفسه. فدار بين الأصلين ما كان معلما ولكنه أكل من صيده. فالتعليم يقتضي أنه أمسك عليك. والأكل يقتضي أنه اصطاد لنفسه لا لك. فتعارض الأصلان. فجاءت السنة ببيان ذلك. فقال عليه السلام (3) «فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه» وفي حديث آخر (4) «إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسكه عليك» وجاء في حديث آخر «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل ، وإن أكل منه ..» الحديث. وجميع ذلك رجوع للأصلين الظاهرين.
والرابع : أن النهي ورد على المحرم أن لا يقتل الصيد مطلقا. وجاء أن على من قتله عمدا الجزاء. وأبيح للحلال مطلقا. فمن قتله فلا شيء عليه. فبقي قتله خطأ في محل النظر. فجاءت السنة بالتسوية بين العمد والخطأ. قال الزهري : جاء القرآن بالجزاء على العامد وهو في الخطأ سنة. والزهري من أعلم الناس بالسنن.
والخامس : أن الحلال والحرام من كل نوع قد بينه القرآن. وجاءت بينهما أمور ملتبسة لأخذها بطرف من الحلال والحرام. فبين صاحب السنة صلى الله عليه وسلم من ذلك على الجملة وعلى التفصيل.
Página 121