مدخل:
" يحمل هذا العلم من كل خلف عُدولُه، يَنفُون عنه تحريف الغالِين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "
[حديث شريف]
أخرجه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي من عدة طرق، في الباب التاسع من كتابه (شرف أصحاب الحديث).
قدمت في الطبعة الأولى عرضًا سريعًا لمن تتابعوا على خدمة الحديث الشريف وعلومه ورجاله، من القرن الثاني إلى أبي عمرو ابن الصلاح وطبقته، ناظرة فيهم إلى توالي الطبقات واختلاف الأمصار من مشرق ومغرب. ومن وقتئذ وأنا أستدرك عليهم بين يوم وآخر من فاتني ذكرهم. فما عُدت اليوم أتجاسر على هذه المحاولة، وإني لأعتبر بالحافظ أبي عبد الله الذهبي: ترجم في المجلد الأول وبعض الثاني من (تذكرة الحفاظ) لأكثر من خمسمائة من أعيان الحفاظ إلى منتصف القرن الثالث للهجرة، ثم قال: عقب الطبقة الأخيرة منهم: " فهؤلاء المُسَمَّون في هذه الطبقة هم ثقات الحفاظ. ولعل قد أهملنا طائفة من نظرائهم، فإن المجلس الواحد في هذا الوقت كان يجتمع فيه أزيد من عشرة آلاف محبرة، يكتبون الحديث ويعتنون بهذا الشأن وبينهم نحو من مائتي إمام - في هذه الطبقة - قد برزوا وتأهلوا للفتيا " التذكرة ٢/ ٥٢٩.
على مر المراحل، كانت قواعد المصطلح يتوارد عليها العلماء تأصيلًا وضبطًا وتحريرًا، فبلغت من الكثرة بحيث احتيج إلى مصنفات فيها جامعة، أجمل ذكرها الحافظُ ابن حجر (٧٧٣ - ٨٥٢ هـ) في خطبة كتابه (شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر) قال بعد الحمد والصلاة على النبي: " أما بعد فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت للأئمة في القديم والحديث. فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي (- ٣٦٠ هـ) في كتابه المحدث الفاصل، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله
1 / 11