al-Magazi
المغاز
Investigador
مارسدن جونس
Editorial
دار الأعلمي
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٠٩/١٩٨٩.
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Biografía del Profeta
قَالَ: وَغَدَوْت فِي الْيَوْمِ الثّالِثِ وَأَنَا حَدِيدٌ مُغْضَبٌ، أَرَى أَنْ قَدْ فَاتَنِي مِنْهُ أَمْرٌ أُحِبّ أَنْ أُدْرِكَهُ، وَأَذْكُرَ مَا أَحْفَظَتْنِي النّسَاءُ به من مقالتهنّ لى ما قلن، فو الله إنّي لَأَمْشِي نَحْوَهُ- وَكَانَ رَجُلًا خَفِيفًا، حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ اللّسَانِ، حَدِيدَ النّظَرِ- إذْ خَرَجَ نَحْوَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ يَشْتَدّ، فَقُلْت: مَا بَالُهُ، لَعَنَهُ اللهُ؟ أَكُلّ هَذَا فَرْقًا مِنْ أَنْ أُشَاتِمَهُ؟ فَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ ضمضم ابن عَمْرٍو وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، يَا آلَ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ، اللّطِيمَةَ، قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمّدٌ فِي أَصْحَابِهِ! الْغَوْثَ، الْغَوْثَ! وَاَللهِ، مَا أَرَى أَنْ تُدْرِكُوهَا! وَضَمْضَمُ يُنَادِي بِذَلِكَ بِبَطْنِ الْوَادِي، قَدْ جَدَعَ أُذُنَيْ بَعِيرِهِ، وَشَقّ قَمِيصَهُ قُبُلًا وَدُبُرًا، وَحَوّلَ رَحْلَهُ. وَكَانَ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتنِي قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكّةَ وَإِنّي لَأَرَى فِي النّوْمِ، وَأَنَا عَلَى رَاحِلَتِي، كَأَنّ وَادِيَ مَكّةَ يَسِيلُ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ دَمًا، فَاسْتَيْقَظْت فَزِعًا مَذْعُورًا، وَكَرِهْتهَا لِقُرَيْشٍ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنّهَا مُصِيبَةٌ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَكَانَ يُقَالُ: إنّ الّذِي نَادَى يَوْمَئِذٍ إبْلِيسُ، تَصَوّرَ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، فَسَبَقَ ضَمْضَمًا فَأَنْفَرَهُمْ إلَى عِيرِهِمْ، ثُمّ جَاءَ ضَمْضَمٌ بَعْدَهُ. فَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْت أَعْجَبَ مِنْ أَمْرِ ضَمْضَمٍ قَطّ، وَمَا صَرَخَ عَلَى لِسَانِهِ إلّا شَيْطَانٌ، إنّهُ لَمْ يُمَلّكْنَا مِنْ أُمُورِنَا شَيْئًا حَتّى نَفَرْنَا عَلَى الصّعْبِ وَالذّلُولِ. وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ يَقُولُ: مَا كَانَ الّذِي جَاءَنَا فَاسْتَنْفَرَنَا إلَى الْعِيرِ إنْسَانٌ، إنْ هُوَ إلّا شَيْطَانٌ! فَقِيلَ: كَيْفَ يَا أَبَا خَالِدٍ؟ فَقَالَ: إنّي لَأَعْجَبُ مِنْهُ، مَا مَلّكَنَا مِنْ أُمُورِنَا شَيْئًا! قَالُوا: وَتَجَهّزَ النّاسُ، وَشُغِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَكَانَ النّاسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، إمّا خَارِجٍ، وَإِمّا بَاعِثٍ مَكَانَهُ رَجُلًا. فَأَشْفَقَتْ قُرَيْشٌ لِرُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَسُرّتْ بَنُو هَاشِمٍ. وَقَالَ قَائِلُهُمْ: كَلَا، زَعَمْتُمْ أَنّا كَذَبْنَا وَكَذَبَتْ عَاتِكَةُ! فَأَقَامَتْ قُرَيْشٌ ثَلَاثَةً تَتَجَهّزُ، وَيُقَالُ يَوْمَيْنِ، وأخرجت قريش أسلحتها
1 / 31