Concepto del Método Científico
مفهوم المنهج العلمي
Géneros
حين يقال المنهج العلمي بألف ولام العهد كمفرد علم، يكون المقصود عادة هو المنهج التجريبي. وقد اشتهر العلم الحديث بتجريبيته، وبات القول إن العلم تجريبي يشبه القول إن الشمس تشرق في النهار والماء هو الماء. على أن التجريبية كما أشرنا ليست معينا نغترف منه الفرض العلمي، بل ساحة لاختباره. في المنهج العلمي يجتاز الفرض والتمحيصات المنطقية، والقياسات الكمية الدقيقة والاختبارات التجريبية، ليحصل على جواز المرور إلى نسق العلم، فيمثل إضافة وحصادا علميا وحصيلة معرفية. الفرض الناجح هو اللبنة والإنجاز الملموس. والسؤال الآن: من أين يجيء الفرض أصلا؟
لعل هذا السؤال يناظر السؤال: من أين يجيء الحب؟ فلا إجابة محددة على أي منهما، وإذا كان هذا سؤالا عن المصدر؛ «فليس هناك مصدر معين لا سواه للمعرفة. والمعرفة لا تتمتع بأية مصادر غير قابلة للخطأ، لا في الحواس ولا في العقل».
4
كل فرض وكل اقتراح وكل مصدر على الرحب والسعة، ما دام كل اقتراح يمكن تعريضه للنقد، للاختبار واكتشاف أخطائه وتصويبها، والانتقال إلى وضع أفضل في صيرورة التقدم المستمر. والمنهج العلمي بعقلانية النقدية، تأطير لمنطق الكشف العلمي والتقدم الدائم.
وليس المنهج العلمي في هذا خطوات محددة أو طريقا مرسوما للوصول إلى الفرض الجديد، إنه ليس طريقا للكشف، بل منطق له؛ لا يرسم طريق الوصول إلى فرض جديد، بل يرسم أسلوب التعامل مع الفرض وكيفية اختباره والتحكم في نتائج الاختبار. نظرية المنهج العلمي تبدأ من الفرض، أما ما قبله وأفضى إليه فليس من اختصاص فلسفة المعرفة (= الإبستمولوجيا) أو فلسفة المنهج (= الميثودولوجيا)، بل من اختصاص علم النفس التجريبي الذي يدرس ظاهرة الإبداع.
لا يمكن الوصول إلى الفرض العلمي الجديد عن طريق خطوات محددة. الكشف العلمي ليس عملية آلية، بل عملية خلق وإبداع، تأتي من الذكاء الإنساني في تفاعله مع الحصيلة المعرفية، الخيال الخصيب والعبقرية الخلاقة، الإطار الثقافي الملائم الذي يهب العالم محفزات للإبداع ... كل هذه عناصر فاعلة. ولا يمكن الوصول إلى الإبداع الأصيل في الفن أو في الفكر، أو في أي موقف حياتي عن طريق خطوات محددة. والعلم بدوره أكثر المناشط الإنسانية حيوية وإبداعية.
لا يأتي الفرض العلمي الجديد إلا بعد إلمام بالحصيلة المعرفية السابقة، وهذا هو ما نسميه: الدرس الجاد، ويجسد الطابع الجمعي التعاوني، الذي يميز عالم العلم. ثم يقدح العالم ذهنه ليتوصل إلى حل للمشكلة المطروحة للبحث. هذا الحل حدس، تنبته الموهبة العلمية الفردية والعبقرية الخلاقة في انشغالها العميق بالمشكلة المطروحة، وإحاطتها بهذه المشكلة درسا وبحثا. لقد أكد هنري بيرجسون
H. Bergson (1859-1941م) على الجهد العقلي العظيم المبذول في كل إبداع، فما بالنا بالإبداع العلمي!
عني العالم/الفيلسوف هنري بوانكاريه
H. Pioncaré (1854-1912م) بالطبيعة الإبداعية الحدسية للكشف العلمي، وأضفى عليه طابع المفاجأة والتركيز، وأنه يأتي إلى ذهن العالم كومضة. وقد كانت أبحاث بوانكاريه من الخطوط التمهيدية، والمقدمات العامة التي تأدت إلى نظرية النسبية الخاصة مع آينشتين. ويظل فرض الكوانتم العبقري، وقد نما وتطور في العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، بفعل رعيل من العلماء المبدعين هم بحق فرسان الكوانتم؛ يظل هذا الفرض مكمن الجمر، وهيكل النور في التعملق الراهن للعلم، واقتحامه الواثق المقتدر الفعال لعالم ما دون الذرة. الأب الشرعي لفرض الكوانتم هو العالم الألماني ماكس بلانك
Página desconocida