Concepto del Método Científico
مفهوم المنهج العلمي
Géneros
من أية زاوية التقدم في العلم غاية منشودة ومأمولة ومتحققة، ببساطة تعني حذف قصورات وأخطاء، تعني مزيدا من الاقتراب من الصدق/الحقيقة، تعني توصيفات أوفى وقوى تفسيرية أعلى وتنبؤات أدق، وبالتالي مزيدا من السيطرة على الظاهرة، ومزيدا من حلول لمشاكل وتحقيق أهداف، والأجمل أن التقدم ليس فقط غاية منشودة في العلم، ثاو في منهجه، بل هو واقع ماثل متحقق دائما . •••
وكما اتفقنا، المنهج العلمي في جوهره هو العقلانية التجريبية؛ فلا تجريبية فجة غشوم تنحصر في معطيات الحواس، تسوخ فيها بغير أن تشرئب عنها، ولا تحليق للعقل في سدم الفكر الخالص المنذرة بالتشتت والتهاويم والجنوح. إنه حوار مستمر وضابط بين الطرفين؛ بين الفكر والواقع. وكما ذكرنا لا جنوح لطرف ولا إقصاء لآخر؛ فيقي من مغبة التطرف المتصلب والمنفلت نحو حد أو طرف بعينه، تماما مثلما يقي المنهج العلمي من وبال القبول الأعمى، لمراسم جاهزة والتصلب بين أطرها، ما دام كل شيء فيه خاضعا للاختبار والنقد والتمحيص؛ خاضعا لمحكمة التجريب.
ليست التجربة معينا نغترف منه الفرض العلمي، بقدر ما هي ساحة اختبار الفرض العلمي واستنطاقه واستشهاده واستجوابه وتمحيصه؛ بعبارة: موجزة التجريبية العلمية في جوهرها هي الاختبارية والقابلية للاختبار
testability ، وأن تكون العبارة تجريبية فهذا يعني أنها قابلة للاختبار، وأن تكون العبارة التجريبية علمية، فهذا يعني أن المنهج العلمي هو اختبارها اختبارا عسيرا لأقصى درجة ممكنة. ويمكن أن نلاحظ عبقرية اللغة العربية التي وضعت مصطلح «المختبر» مرادفا للمعمل، ورمزه النمطي أنبوبة «الاختبار» الشهيرة. إن التجريبية هي الاختبارية، وهي النقدية. الاختبارية النقدية هي سر التقدم المستمر في العلم. والروح العلمية روح نقدية على الأصالة. •••
يتقدم الآن كارل بوبر
Karl R. Popper (1902-1994م) فيلسوف المنهج العلمي الأكبر، الذي قيل عنه: «إنه المفرد العلم الذي يشار إليه بالبنان، حين طرح السؤال عن المنهج العلمي.»
3
وقد مثل كارل بوبر نقطة تحول بأن استندت فلسفته على أن الخاصة المنطقية المميزة للعلم، هي القابلية للاختبار التجريبي والتكذيب، للمواجهة مع الواقع والوقائع، للنقد والمراجعة واكتشاف الخطأ؛ اكتشاف موطن الكذب والتعارض مع الواقع؛ لتصويبه والاقتراب أكثر من الصدق/الحقيقة، فيتأتى التقدم المستمر. وضع بوبر معالجته الشاملة للمنهج العلمي ومنطقه، على أساس الاختبارية التكذيبية، التي لا تعدو أن تكون أسلوب النقد المختص بالعلم، والذي يجعله دائم التقدم، مؤكدا أن النقد دماء الحياة للتفكير العقلاني وللتقدم في العلم، وفي الحضارة على الإجمال. إن بوبر في فلسفته الرائدة للمنهج العلمي يعول التعويل الأكبر على مفهوم النقد، وقيمة النقد والدور العلمي للنقد، حتى وضع بطاقة لفلسفته هي «العقلانية النقدية».
التفكير العلمي هو ذاته التفكير النقدي، والمنهج العلمي منهاج نقدي. النقد بمعناه الحرفي؛ أي بمعنى الحرص الدائم على تصيد الأخطاء، وتعيينها من أجل تصويبها، هو لا سواه روح العلم والأنفاس المترددة في صدره، هو معلمه. قد يتبدى التفكير العلمي بوصفه المقابل للتفكير الأسطوري، ولكن يمكن القول إن العلم له هو الآخر أساطيره. وقد يقدم تصورات يصعب على الحس المشترك، والإنسان العادي في حياته العادية، أن يتقبلها أو يتعايش معها؛ أشهر الأمثلة على هذا نظرية النسبية لآينشتين، حيث تتغير الكتلة بتغير السرعة، والزمن بعد رابع يتباطأ هو الآخر بزيادة الكتلة، ويسير بسرعات واتجاهات مختلفة. والعلم يقدم أفكارا وتصورات حاشدة ومحملة بالكثير، تقوم بدور كبير وتتحمل مسئوليات معرفية جسيمة، ثم يقلع عنها وتذوي جانبا، وأشهر الأمثلة على هذا فرض «الأثير» لتفسير انتقال الضوء والإشعاع؛ لذا أمكن القول بشكل ما إن العلم هو الآخر يصنع أساطير. يظل الفارق الحقيقي الحي بين الفكر العلمي والفكر الأسطوري، أن الأساطير تظل ثابتة على حالها دائما، وقد يضفي عليها التفكير الإيقاني المتزمت (الدوجماطيقي) مزيدا من الثبات. أما المنزع النقدي في العلم والمنهج العلمي، فيغير دوما من أساطيره في اتجاه التقدم، والاقتراب الأكثر من الصدق؛ لأن النقد يحذف الخطأ ويقلل دوما نطاقه.
إن المنهج العلمي هو أسلوب التفكير النقدي، هو عقلانية نقدية بقدر ما هو العقلانية التجريبية. وتبقى ملاحظة أنه في الآن نفسه أسلوب التفكير المبدع، ولما كان هذا الإبداع مسئولا أمام محكات المنطق وقياسات الواقع، أمكن أن نسميه أيضا العقلانية الإبداعية. (3) إبداع ومسئولية
Página desconocida