Concepto del Método Científico
مفهوم المنهج العلمي
Géneros
إن العلم صنيعة الإنسان، فعالية نامية باستمرار، كل خطوة قابلة للتجاوز، للتقدم؛ لذلك ليس العلم بناء مشيدا من حقائق قاطعة، بل هو نسق من فروض ناجحة، كل يوم فروض أنجح من سابقتها، أجدر وأقدر على الوصف والتفسير والتنبؤ والسيطرة . كل يوم جديد يتلافى أخطاء وقصورات القديم، فيلغيه أو على الأقل يستوعبه ويتجاوزه، ويقطع في طريق التقدم خطوة أبعد منه، في صيرورة - تغير مستمر نحو الأقرب من الصدق، الأفضل والأقدر.
وفي خضم هذه الحركية التقدمية الجبارة، ينتصب مارد المنهج العلمي، بوصفه الثابت الديناميكي إن جاز التعبير، أو القوة المثمرة الولود لكل ما يتواتر من تغيرات. في رحاب هذا المارد تقوم وقائع التجريب بدور ناقد قاس، لا يعرف الرحمة حين تعيينه لمواضع الخطأ؛ دور الفيصل والفاروق بين الصدق والكذب، القاضي الحاتم ذي الحكم الموجب النفاذ: إنها مسئولية عسيرة أمام الواقع والوقائع، لا يقوى على الاضطلاع بها إلا المنهج العلمي.
ولعل تفعيل المنهج العلمي في مداه الواسع الممتد، يمكن أن يأتي بأبسط نواتجه في أن نضطلع بشيء من هذه المسئولية إزاء الواقع والوقائع، مما يؤدي إلى كبح جماح الاسترسال في الإنشائيات والخطابيات، والخوض في لغو القول، والأغاليط، والمكابرة، والدفاع عن القضية ونقضيها، فضلا عن الدفاع عن قضية خاسرة، تشهد الوقائع ببطلان أسانيدها ... أو استمرار وسائل فاشلة تشهد الوقائع بعجزها عن بلوغ غاياتها؛ إنه مدى واسع ممتد. (2) تقدمية والروح نقدية
نلاحظ كيف فرضت مقولة التقدم والتقدمية ذاتها، منذ مستهل حديثنا عن المنهج العلمي، ويحق القول إن البحث العلمي هو التمثيل العيني لمقولة التقدم في حضارة البشر، والمضمار الوحيد فيها الذي يملك ضمانات كافية، تشهد بأن غده سيكون أثرى وأقوى من يومه، مثلما جاء يومه أثرى وأقوى من أمسه.
التقدم
يعني السير قدما إلى الأمام، وهذه الكلمة الإنجليزية مأخوذة من الكلمة اللاتينية
، التي تعني قطع حيز إلى الأمام، سواء في الزمان أو في المكان؛ قطع مسافة في السير، وأيضا تقدم في العمر. وقد برز مفهوم «التقدم» كمصطلح فلسفي مهم في العقود الأخيرة من القرن السابع عشر، ليفيد قيمة إيجابية تمثلها حركة خطية، ليست دائرية وليست تراجعية. وقامت مقولة التقدم بدورها المعروف في الفكر الغربي، وكانت من مقدمات عصر التنوير في القرن التالي. وأخيرا جاء عصر ما بعد الحداثة في النصف الأخير من القرن العشرين ، وطرح مفهوم التقدم لمناقشات مستجدة في الفكر الغربي. ومن ناحية أخرى، كان الفكر الإسلامي في المشرق، قد شهد الحركة الوهابية، التي أكدت أن التقدم حركة قهقرية. ثم ظهرت تيارات فلسفية لا تمانع في أن ترى التقدم عودة إلى الوراء، إلى عصور مضت بدت لهم لا تبارى ولا تمارى. وبصرف النظر عن هذا وذاك، رب قائل إن الفن التشكيلي في عصر النهضة أفضل منه الآن، أو إن تأثيث المنازل على الطراز الكلاسيكي أجمل من تأثيثها على الطراز الحديث، أو إن طعام الأجداد أشهى من طعامنا اليوم، أو إن العمارة في مرحلة ما كانت تحمل زخما جماليا، افتقدناه الآن وكانت مريحة أكثر ... إلخ، ولكن لا يقولن أحد البتة إن العلم في أية مرحلة سابقة كان أفضل منه الآن، أو في أية مرحلة لاحقة.
من أجمل جمالات العلم والمنهج العلمي، أن قيمة التقدم فيه محسوسة تماما، ولا مجال لخلاف أو جدال بشأنها. نعم تموج فلسفة العلم بمناقشات عاصفة حول طبيعة التقدم العلمي، وهل هو تراكم متوال: كشف فوق كشف ونظرية بجوار نظرية، أم هو ثورة مستمرة: استيعاب وتجاوز مستمر لما هو كائن، انسياب دورات جديدة بمنطلقات جديدة، تتيح دائما رؤية أوسع وسيطرة أعلى ... أم إن التقدم العلمي حوار جدلي بين التراكم والثورة، بمعنى تراكم تراكم ثم ثورة ... تراكم تراكم ثم ثورة.
2
وأيضا ثمة الجدال حول معايير التقدم العلمي: هل هي معرفية نظرية أم براجماتية عملية، أم كلتاهما معا؟ ولكن التقدم في حد ذاته؛ مثوله في العلم ومثول العلم فيه، واعتماد المنهج العلمي طريقا مفضيا له، مسألة محسومة، قيمة منطقية لها مقاييسها الكمية وتحديداتها الدقيقة.
Página desconocida