Concepto del Método Científico
مفهوم المنهج العلمي
Géneros
وقد دفع هذا الواقع الموار إلى ترجمة النصوص المعرفية النخبوبة، وأيضا إلى ترجمة ما يتصل بالجوانب التطبيقية والتقانية أو فروع الهندسة العملية والتقنيات الزراعية، فأينعت في الحضارة الإسلامية علوم رياضية وتطبيقية من قبيل علم المساحة، وعلم الحيل المتحركة، وعلم جر الأثقال، وعلم الأوزان والموازين، وعلم الآلات الجزئية، وعلم المناظر والمرايا، وعلم نقل المياه، وعلوم تجريبية كعلوم الطب والجراحة والصيدلة والبيطرة والزراعة. (2) في الرياضيات
تظل الرياضيات أعلى مدارج العقل العلمي الممنهج وأرقى أشكال التفكير المنهجي الممنطق، والمدخل الحق للطرح المنهجي العلمي. وقد لعب العرب دورا كبيرا في تاريخ الرياضيات ومسارات تطورها، وعلى مفترق الطرق بين الحساب والجبر وبين الجبر والهندسة. أخذ العرب بتصنيف الإغريق للمباحث الرياضية، فانقسمت الرياضيات العربية إلى أربعة علوم أساسية هي: الحساب، والهندسة والفلك (علم الهيئة)، والموسيقى، وتتفرع فروعا عدة، ويعد الجبر - إنجاز الرياضيات العربية الأعظم - امتدادا أو فرعا للحساب.
ولم يكن إسهام العرب فصلا مثيرا في قصة العلم الرياضي فحسب، بل أيضا في فلسفة الرياضيات، كما يوضح مثلا بحثهم العلاقة بين التصور والبرهنة من خلال مفهوم اللامتناهي في الصغر في إطار هندسة المخروطات.
7
بدأت قصة الرياضيات العربية حين أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بترجمة «السدهانات» أي «مقالة الأفلاك» التي عرفها العرب باسم «السندهند»، وهي موسوعة هندية في الحساب والفلك والتنجيم، وتتألف من جزأين، أحدهما عن الأزياج؛ أي سير الكواكب التي نستخرج منها جداول التقاويم، والآخر عن الوسائل الحسابية لهذه الجداول، حملها إلى بغداد عام 153ه/770م العالم الهندي كنكه، فترجمها إلى العربية يعقوب بن طارق (ت796م)، وإبراهيم بن حبيب الفزاري المنجم (ت777م). كانت «السدهانات» أو «السندهند» فاتحة الاتصال بالرياضيات الهندية، التي كانت بدورها العلة المباشرة لنشأة الرياضيات العربية، تنامت فيما بعد عن طريق الاتصال المباشر بالحضارة الهندية، خصوصا على يد اثنين من أكبر الرياضيين العرب هما الخوارزمي والبيروني، كلاهما أتقن اللغة السنسكريتية وزار الهند.
لم تشف «السندهند» غليل العقلية العربية الناهضة المتشوفة آنذاك، فأمر جعفر البرمكي بترجمة كتاب إقليدس «أصول الهندسة» ليكون أول ما ترجم من كتب اليونان، وأيضا البوابة العظمى التي دخل منها العقل العربي الإسلامي إلى عالم الهندسة، وإلى تفكير الحجة البرهاني وإلى الاستدلال الاستنباطي الرياضياتي، مأثرة الإغريق العظمى.
اهتم الإسلاميون بالرياضيات أكثر من سواها من مباحث العلوم العقلية، وانشغلوا بموقعها في النسق المعرفي، وضعها الكندي (184-250ه) - أول الفلاسفة الإسلاميين - كمدخل للعلوم، فتسبقها جميعا، حتى المنطق ذاته يأتي بعد الرياضيات، وجعلها جسرا للفلسفة، وللكندي رسالة في أنه «لا تنال الفلسفة إلا بالرياضيات»، وله من الكتب والرسائل أحد عشر في الحساب، وثلاثة وعشرون في الهندسة، فضلا عن تسعة عشر في النجوم. وإذا كان ابن سينا (370-428ه) - الشيخ الرئيس - يضع المنطق في المدخل ثم الطبيعيات، وبعدها تأتي الرياضيات وأخيرا الإلهيات، فهذا يعكس مسار العقل وتدرج خطاه؛ فقد اهتم بالرياضيات أكثر من الكندي، وصنف علومها إلى علوم الرياضة الرئيسية، وهي العدد والهندسة والهيئة (الفلك) والموسيقى، ويتشعب عنها علوم الرياضة الفرعية؛ فعن العدد يتفرع الجمع والتفريق والحساب الهندي وعلم الجبر والمقابلة، وعن الهندسة تتفرغ علوم الهندسة العملية التقانية، أما علم الهيئة فيتفرغ عنه علم الأزياج والتقاويم، ومن فروع علم الموسيقى اتخاذ الآلات الغريبة. ونلاحظ في هذا تكامل العلم النظري والعلم التطبيقي، سلم التراث الإسلامي بالعلوم الرياضية، بوصفها مبرهنات يقينية، لا بد أن تحتل موقعها في بنية العقل، وحتى الإمام الغزالي حين صب جام غضبه على العقلانية وعلوم العقل، استثنى الرياضيات وقال إن أعظم جناية على الإسلام الظن بأنه ينكر الرياضيات، فظلت الرياضيات دائما «لا معنى لإنكارها ولا للمخالفة فيها»
8
بتعبير الغزالي.
أدى اهتمام الإسلاميين بالرياضيات وإعلاء شأنها إلى تناميها على أيديهم، تناميا يصعب تفسيره فقط بهذه النظرة الداخلية للنسق المعرفي، لتقوم الجوانب السوسيولوجية بدورها، إنها جوانب من قبيل اهتمام العرب وأسلافهم العتيق بالتجارة وحساب الأنصبة والأرباح في البضائع والبيوع، ثم نظام المواريث الإسلامي المعقد، بعض مؤرخي العلم أمثال جوان فرنيه
Página desconocida