مفاتيح الغيب
مفاتيح الغيب
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Exégesis
فَالِاسْمُ آلَةُ الدُّعَاءِ، وَالْمَدْعُوُّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَ ذَاتِ الْمَدْعُوِّ وَبَيْنَ اللَّفْظِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الدُّعَاءُ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّصِّ، وَالْحُكْمِ، أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ [الرَّحْمَنِ: ٧٨] وَالْمُتَبَارِكُ الْمُتَعَالِي هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا الصَّوْتُ وَلَا الْحَرْفُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ:
زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَكَانَ زَيْنَبُ اسْمًا لِامْرَأَتِهِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَلَوْ كَانَ الِاسْمُ غَيْرَ الْمُسَمَّى لَكَانَ قَدْ أُوقِعَ الطَّلَاقُ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ كَوْنَهُ تَعَالَى مُنَزَّهًا عَنْ النَّقَائِصِ وَالْآفَاتِ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْنَا تَنْزِيهُ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِتَعْرِيفِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَنِ الْعَبَثِ وَالرَّفَثِ وَسُوءِ الْأَدَبِ.
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَنَا زَيْنَبُ طَالِقٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الذَّاتَ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِهَذَا اللَّفْظِ طَالِقٌ، فَلِهَذَا السَّبَبِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: التَّسْمِيَةُ عِنْدَنَا غَيْرُ الِاسْمِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِينِ اللَّفْظِ الْمُعَيَّنِ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ، وَذَلِكَ التَّعْيِينُ مَعْنَاهُ قَصْدُ الْوَاضِعِ وَإِرَادَتُهُ، وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تِلْكَ اللفظة المعينة.
والفرق بينهما معلوم بالضرورة.
الاسم أسبق من الفعل وضعا:
المسألة الخامسة [الاسم أسبق من الفعل وضعا]: قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي تَسْتَتْبِعُ ذِكْرَ الْأَلْفَاظِ/ الدَّالَّةِ عَلَى ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِالْبَعْضِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ الظَّاهِرِ وَضْعُ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ سَابِقٌ عَلَى وَضْعِ الْحُرُوفِ، فَأَمَّا الْأَفْعَالُ وَالْأَسْمَاءُ فَأَيُّهُمَا أَسْبَقُ؟ الْأَظْهَرُ أَنَّ وَضْعَ الْأَسْمَاءِ سَابِقٌ عَلَى وَضْعِ الْأَفْعَالِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: - الْأَوَّلُ: أَنَّ الِاسْمَ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ، وَالْفِعْلَ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى حُصُولِ الْمَاهِيَّةِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ، فَكَانَ الِاسْمُ مُفْرَدًا وَالْفِعْلُ مُرَكَّبًا، وَالْمُفْرَدُ سَابِقٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ بِالذَّاتِ وَالرُّتْبَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ وَاللَّفْظِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْفِعْلَ يَمْتَنِعُ التَّلَفُّظُ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْإِسْنَادِ إِلَى الْفَاعِلِ، أَمَّا اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ذَلِكَ الْفَاعِلِ فَقَدْ يَجُوزُ التَّلَفُّظُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْنَدَ إِلَيْهِ الْفِعْلُ، فَعَلَى هَذَا الْفَاعِلُ غَنِيٌّ عَنِ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ مُحْتَاجٌ إِلَى الْفَاعِلِ، وَالْغَنِيُّ سَابِقٌ بِالرُّتْبَةِ عَلَى الْمُحْتَاجِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ تَرْكِيبَ الِاسْمِ مَعَ الِاسْمِ مُفِيدٌ، وَهُوَ الْجُمْلَةُ الْمُرَكَّبَةُ مِنَ المبتدأ والخير، أَمَّا تَرْكِيبُ الْفِعْلِ مَعَ الْفِعْلِ فَلَا يُفِيدُ الْبَتَّةَ، بَلْ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الْجُمْلَةِ الِاسْمُ لَمْ يُفِدِ الْبَتَّةَ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الِاسْمَ مُتَقَدِّمٌ بِالرُّتْبَةِ عَلَى الْفِعْلِ، فَكَانَ الْأَظْهَرُ تَقَدُّمَهُ عليه بحسب الوضع.
تقدم اسم الجنس على المشتق وضعا:
المسألة السادسة [تقدم اسم الجنس على المشتق وضعا]: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الِاسْمَ قَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، وَقَدْ يَكُونُ اسما مشتقا
1 / 107