مفاتيح الغيب
مفاتيح الغيب
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Exégesis
الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةَ ٢٨١ فَنَزَلَتْ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَآيَاتُهَا مِائَتَانِ وَسِتٌّ وَثَمَانُونَ
[سورة البقرة (٢): آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١)
تفسير الم حروف الهجاء:
الم فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: - اعْلَمْ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي يُتَهَجَّى بِهَا أَسْمَاءٌ مُسَمَّيَاتُهَا الْحُرُوفُ الْمَبْسُوطَةُ، لِأَنَّ الضَّادَ مَثَلًا لَفْظَةٌ مُفْرَدَةٌ دَالَّةٌ بِالتَّوَاطُؤِ عَلَى مَعْنًى مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى الزَّمَانِ الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مِنْ «ضَرَبَ» فَثَبَتَ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ وَلِأَنَّهَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِمَالَةِ وَالتَّفْخِيمِ وَالتَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ وَالْجَمْعِ وَالتَّصْغِيرِ وَالْوَصْفِ وَالْإِسْنَادِ وَالْإِضَافَةِ، فَكَانَتْ لَا مَحَالَةَ أَسْمَاءٌ. فَإِنْ قِيلَ
قَدْ رَوَى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، لَكِنْ أَلْفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» الْحَدِيثَ،
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ يُنَاقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ قُلْنَا: سَمَّاهُ حَرْفًا مَجَازًا لِكَوْنِهِ اسْمًا لِلْحَرْفِ، وَإِطْلَاقُ اسْمِ أَحَدِ المتلازمين على الآخر مجاز مشهور.
معاني تسمية حروفها:
فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ رَاعَوْا هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لِمَعَانٍ لَطِيفَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْمُسَمَّيَاتِ لَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظًا كَأَسَامِيهَا وَهِيَ حُرُوفٌ مُفْرَدَةٌ وَالْأَسَامِي تَرْتَقِي عَدَدَ حُرُوفِهَا إِلَى الثَّلَاثَةِ اتَّجَهَ لَهُمْ طَرِيقٌ إِلَى أَنْ يَدُلُّوا فِي الِاسْمِ عَلَى الْمُسَمَّى، فَجَعَلُوا الْمُسَمَّى صَدْرَ كُلِّ اسْمٍ مِنْهَا إِلَّا الْأَلِفَ فَإِنَّهُمُ اسْتَعَارُوا الْهَمْزَةَ مَكَانَ مُسَمَّاهَا لِأَنَّهُ لَا يكون إلا ساكنًا.
حكمها ما لم تلها العوامل:
الثَّانِي: حُكْمُهَا مَا لَمْ تَلِهَا الْعَوَامِلُ أَنْ تَكُونَ سَاكِنَةَ الْأَعْجَازِ كَأَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ فَيُقَالُ أَلِفٌ لَامٌ مِيمٌ، كَمَا تَقُولُ وَاحِدٌ اثْنَانِ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا وَلِيَتْهَا الْعَوَامِلُ أَدْرَكَهَا الْإِعْرَابُ كَقَوْلِكَ هَذِهِ أَلِفٌ وَكَتَبْتُ أَلِفًا وَنَظَرْتُ إِلَى أَلِفٍ، وَهَكَذَا كُلُّ اسْمٍ عَمَدْتَ إِلَى تَأْدِيَةِ مُسَمَّاهُ فَحَسْبُ، لِأَنَّ جَوْهَرَ اللَّفْظِ مَوْضُوعٌ لِجَوْهَرِ الْمَعْنَى، وَحَرَكَاتُ اللَّفْظِ دَالَّةٌ عَلَى أَحْوَالِ الْمَعْنَى، فَإِذَا أُرِيدَ إِفَادَةُ جَوْهَرِ الْمَعْنَى وَجَبَ إِخْلَاءُ اللَّفْظِ عَنِ الحركات.
2 / 249