ومعنى ذلك أن الاستحسان هو عدول عن حكم القياس في المسألة الى حكم آخر لسبب يقتضي هذا العدول. فإن الاستحسان هو قطع المسألة عن نظائرها القياسية، فهو عكس القياس الظاهر الذي هو: إلحاق المسألة بنظائرها في الحكم.
وبناء على نوع العلة التي تقطع لأجلها المسألة الاستحسانية عن نظائرها القياسية ينقسم الاستحسان إلى نوعين : الاستحسان القياسي واستحسان الضرورة(1).
المطلب الأول: الاستحسان القياسي
/4- فأما الاستحسان القياسي فهو أن يعدل بالمسألة عن حكم القياس الظاهر المتبادر فيها إلى حكم مغاير بقياس آخر هو أدق وأخفى من الأول، ولكنه أقوى حجة، وأسد نظرا، وأصح استنتاجا منه .
و لشيوع هذا النوع من الاستحسان كثيرا في طريقة فقهاء الحنفية قدا قتصر بعضهم على تعريف الاستحسان على أنه هو القياس الخفي" وهذا النوع من الاستحسان في الحقيقة إنما هو ترجيخ لأحد الأقيسة عند تعدد وجوه القياس وتعارضها في المسألة الواحدة، فهو من القياس وإليه.
/4 - أمثلة الاستحسان القياسي: ومن أمثلة الاستحسان القياسي المسائل التالية: - إن الدين المشترك(2) إذا قبض منه أحد الدائنين مقدار حصته لا
(1) يقسم علماء الأصول من الحنفية الاستحسان إلى أربعة أنواع ، فيزيدون نوعين هما: استحسان السنة، واستحسان الاجماع. وستتتقد ذلك آخر البحث (ف 8/4) .
(2) الذين المشترك هو ما ثبت لاثنين فأكثر في ذمة ثالث بسبب متحد، كشيء يملك خصان مناصفة بينهما إذا باعاه صفقة واحدة بنمن مؤجل، ففمنه يكون دينأ مفعري لهما على المشتري. وكذا لو لم يبيعاه بيعأ بل أتلفه شخص ثالث، فإنه يضمن قيمته سبب الاتلاف، وتكون هذه القيمة دينأ مشتركأ لهما على المتلف. فلو لم يكن سبب الدين واحدا لا يكون دينأ مشتركا، كما لو اقترض شخص قرضين من شخصين كل قرض بعقد على حدة.
Página 87