254

Introducción General al Fiqh

المدخل الفقهي العام

Editorial

دار القلم

Géneros

/40 - فمن قصر النظر ما يتوهمه بعضهم من أن تلك الصفة الدينية في الفقه الإسلامي تقضي عليه بالجمود وعدم القابلية لأن يتسع لحاجات الأزمان اتساع التشريع الوضعي الذي يمكن أن يتكيف بحسب الحاجة . فقد رأينا أن الفقه الإسلامي قد أقام للاستحسان والمصالح العامة والأعراف اعتبارا لا يقف في مجاراة الحاجات الزمنية عند حد سوى حد المصالح العامة نفسها والحرمات الأساسية التي جاءت الشريعة لاصلاح البشرية برعايتها، صيانة للنفوس والعقول والأموال والأعراض في الحاضر والمستقبل.

يقول الأستاذ الجليل محمد أبو زهرة: ومن يحاول أن يفهم الشريعة الإسلامية على أنها قوانين مجردة ومعالجات لإصلاح طوائف من المجتمع وتنغظيم معاملاتهم من غير أن يربطها بالإسلام فلن يفهمها على وجهها الصحيح، لأن الفهم المستقيم ما قام على رد الفروع إلى أصولها والنتائج إلى مقدماتها، والأحكام إلى غاياتها والآراء إلى مقاصد قائليها.

ان من يحاول هذه المحاولة كمن يتصور أن ثمرا يكون من غير شجر، أو أن غصونأ تقوم على غير جذوع.

و ليس في كون الفقه الإسلامي مستمدا ينابيعه من الدين وقائما على اساسه غض من قيمته ونقص من قدر المستنبطين له المفرعين لفروعه، لأن أولثك الرعيل الأول من المسلمين رأوا بثاقب نظرهم وقويم إدراكهم أن وانين تستمد من الدين ويظلها بظله تكون أمس بالوجدان، وأمكن في الضمير، وأقر في النفس، يطيعها الناس لا بعصا السلطان ولا بقهر الحكاما بل بصوت من القلب، ورهبة من الديان، ورغبة في النعيم المقيم. فتكون الطاصة إرهافا للاحساس وإيقاظا للمشاعر، وتنمية لنوازع الخير، وتطهيرا لنفس من نوازع الشر. ولا تكون الطاعة ضربا من ضروب المسكنة والخنوع المطلق من غير أن يمس الوجدان بما في القانون من داهيات الخير

Página 278