ويوم الأحد في 26 آب دخل زحلة بعسكره الجرار، فلاقاه السكان بالطعام إلى البيادر، وقدموا العلف للخيول. ثم سار بعسكره إلى الحمار فوق المعلقة، وضربوا خيامهم هناك.
فأولم له المطران باسيليوس شاهيات يوم الخميس في 30 آب وليمة شائقة.
ويوم الاثنين في 10 أيلول سافر المطران إلى بيروت لمقابلة شكيب أفندي ناظر الخارجية الذين أنفذته الدولة لإصلاح الشئون، وكان قد استقدمه إليه مع غيره من الرؤساء للمداولة بذلك.
ولما ألح الباشا بطلب سلاح الزحليين وضايقهم، كان مشايخهم يختلفون إليه معتذرين وطالبين إبقاء الأسلحة للدفاع عن بلدتهم التي كان الدروز يتهددونها بما لهم عند سكانها من الثارات (ولا سيما في موقعتي العريان وقرنايل المارتي الذكر) فلم يقبل.
وفي تلك الأثناء قدموا كتابة مع رسول خاص إلى الموسيو أوجان بوجاد - قنصل دولة فرنسا في بيروت - ليتوسط أمرهم مع الحكومة لتسمح لهم ببقاء السلاح، متعهدين بعدم الاعتداء ومما جاء في هذه الرسالة
31
قولهم:
ويؤخذ من الإفادات التي تلقيناها ما يثبت أن الدروز لم يأتوا لمحاربتنا إلا مكرهين من أصحاب الإقطاع، فإنهم يجبرونهم على ذلك بضرب العصي. ولا مراء أن لبنان لا يتمتع بالراحة ما دام لزعمائه امتيازات ومعافيات كان يمنحهم إياها أمير الجبل لقاء خدماتهم وينزعها منهم حينما شاء.
ومع سعيهم المتواصل بذلك حبطت مساعيهم، ولم تفلح اعتذاراتهم للباشا، ولا نجحت تعهداتهم له بالإخلاد إلى السكينة، وكان في مقدمة المدافعين عن الزحليين والساعين بإبقاء السلاح عبد الله أبو خاطر، وأبو علي المعلوف وغيرهما ممن أوتوا طلاقة اللسان وسداد الرأي وقوة الحجة من شيوخ زحلة، فلم يفلحوا بمساعيهم هذه.
ويوم الخميس في 4 تشرين الأول من السنة المذكورة (1845) أحدق العسكر العثماني بزحلة بين فرسان ومشاة من كل جهة، وشرعوا يجمعون السلاح من سكانها، فأبى كثير منهم التسليم، وكانت المداولات بذلك لن تزال جارية مع الحكومة والقناصل. ويوم الأربعاء في 10 تشرين الأول سارت بعض العساكر إلى الجبل.
Página desconocida