5
ففر الأمير المعني لترك معظم أصحابه إياه، والتجأ إلى الأمير نجم الشهابي في وادي التيم وبقي نحو سنة، فخربوا بلاده وصادروا قومه ولما لم يهتدوا إلى مخبأه انفض جمعهم كل إلى ولايته. وثبتت الولاية للأمير موسى اليمني، واعتز به اليمنيون فحرك ذلك دفين حقد القيسيين.
وسنة 1694 لما سكن الاضطراب، ظهر الأمير أحمد المعني واجتمع إليه القيسيون، فنهض بهم من وادي التيم إلى الشوف ومعه الأميران نجم وبشير الشهابيان برجالهما. فلما وصل الشوف ذهب الأمير موسى الحاكم من دير القمر إلى صيداء ملتجئا إلى واليها مصطفى باشا، فأعيد الحكم للأمير أحمد بعد استرضاء الدولة عليه.
ولما استلم الأمير أحمد المعني الولاية، سعى بالأمير اليمني خصمه لدى والي صيداء المذكور، فأرسل إليه هدية فاخرة وكتب إليه «أنه يخشى أن يخدعه الأمير اليمني ، كما خدع أبوه الأمير علي والي دمشق بشيرا باشا في واقعة وادي القرن.»
6
ولما كان الوزير قد رأى تقلب الأمير اليمني بآرائه وعدم ثباته على عهده، صدق قول الأمير المعني، فطرد الأمير اليمني ومال إلى الأمير المعني وأحبه وكتب إلى السلطان مصطفى الجديد يلتمس له منه العفو وتقرير الولاية، وأرسل له مائة ألف غرش، فقرر المعني على الولاية وحسنت حاله، وسنة 1696 فرض المعني مال (المسعدة) على الشوف، ولكنه دهمته المنية في 15 أيلول سنة 1697 بلا عقب وانقطعت سلالته من الذكور.
ولما كانت أخت الأمير أحمد المعني، متزوجة بالأمير حسين الشهابي أمير راشيا، وكان لها منه ولد اسمه الأمير بشير، اتفق أعيان البلاد جميعا على توليته حكم المعنيين خلفا لهم.
وسنة 1697 قدم اللبنانيون بالأمير بشير حسين الشهابي من راشيا إلى دير القمر، وبايعوه فيها الولاية بحفلة حافلة فكان أول الأمراء الشهابيين حكام لبنان، فتحولت إليه مقاطعات المعنيين ومتخلفاتهم ورتبت عليه الأموال لأيالة صيداء حسب العادة. واستأذنوا السلطان مصطفى العثماني بذلك، فأمر بتقرير ولاية لبنان بواسطة الأمير حسين ابن الأمير فخر الدين المعني نزيل الأستانة على الأمير حيدر موسى الشهابي؛ لأنه ابن بنت الأمير أحمد المعني، فهو أحق من ذاك بالولاية. ولما ورد الأمر بتقرير الولاية للأمير حيدر توسط الأمير بشير الأمر مع أرسلان باشا والي صيداء أن يعرض للسلطان أن الأمير حيدر قاصر؛ لأنه ابن اثنتي عشرة سنة وأن عمه الأمير بشير كفء للنيابة عنه إلى أن يبلغ ذاك أشده، وهكذا كان. أما اليمنيون فاعترضوا على ذلك، ولما لم يجب طلبهم فر أمراؤهم آل علم الدين إلى دمشق وسكنوا في غوطتها، فاستفحلت الشحناء بين القيسيين واليمنيين على حد قول المتنبئ بهذا المعنى:
برغم شبيب فارق السيف كفه
وكانا على العلات يصطحبان
Página desconocida