La ciudad ideal a través de la historia
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Géneros
15 «مررنا ببوابات مبنى ضخم؟ بدا من منظره أن عملا من نوع ما يدور داخله. قلت في لهفة: «ما هذا المبنى؟ إذ سرني أن أرى بين كل هذه الأشياء الغريبة شيئا يشبه ما كنت قد تعودت عليه: يبدو عليه أنه مصنع.»
قال: «نعم. أظن أنني أعرف ما تقصده، وهو كما قلت، ولكننا لا نطلق على أمثاله الآن اسم المصانع، وإنما نسميها مجمعات ورش العمل، أي الأماكن التي يتجمع فيها الناس الذين يريدون أن يعملوا معا.»
قلت: «أظن أن هناك طاقة من نوع ما تستخدم هناك؟»
قال: «لا، لا، وما الذي يدعو الناس إلى التجمع لاستخدام الطاقة، حين يكون في إمكانهم أن يجدوها في الأماكن التي يعيشون فيها، أو بجوارهم مباشرة، سواء أكانوا اثنين أو ثلاثة، أو حتى أي فرد واحد لأجل شيء كهذا؟ لا؛ إن الناس يتجمعون في مجمعات الورش ليزاولوا العمل اليدوي الذي يتطلب بالضرورة العمل المشترك؛ وغالبا ما يكون هذا العمل باعثا على السرور. وفي داخل هذا المبنى مثلا تجدهم يقومون بصنع الخزف والزجاج، ويمكنك أن ترى سقوف الأفران العالية هناك، ومما يسهل العمل بطبيعة الحال أن يكون في متناول يدك أفران في أحجام مناسبة، ومواقف، وأوعية زجاجية وأشياء أخرى كثيرة للاستعمال: ومع ذلك فهناك وفرة من هذه الأماكن، بحيث يكون من السخف أن يحب إنسان صناعة الخزف أو النفخ في الزجاج، ويضطر بالرغم من ذلك إلى الحياة في مكان واحد أو إلى الامتناع عن مزاولة العمل الذي يمتعه.»
قلت: «لست أرى دخانا يتصاعد من الأفران؟»
قال ديك: «دخان؟ ولماذا ترى دخانا؟»
أمسكت لساني، واستطرد قائلا: «إنه مكان جميل من الداخل، وإن كان بسيطا كما تراه من الخارج. أما بالنسبة للحرف اليدوية، فإن تشكيل الصلصال لا بد أن يكون عملا مبهجا، والنفخ في الزجاج عمل مرهق بسبب الحرارة الشديدة، ولكن بعض الناس يمتعهم هذا كثيرا، وليس هذا ما يدهشني، لأنك ستدرك معنى الطاقة إذا تمرست في التعامل مع المعدن الساخن.» ثم قال مبتسما: «وهذا من شأنه أن يجعل العمل مصدرا للبهجة والمتعة؛ لأنك مهما بذلت من جهد في مثل هذه السلع، ومهما توقف العمل فيها لفترة من الوقت، فسوف تجد دائما ما يشغلك».»
ويصل الصديقان إلى المتحف البريطاني حيث يعيش قريب عجوز ل «ديك»، عمل أمينا للمكتبة لسنوات عديدة وتضلع في دراسة التاريخ. ويترك الشاب ضيفه برفقة هاموند العجوز، بينما ينطلق هو مع امرأة جميلة أثارت في نفس الزائر الإعجاب وحب الاستطلاع. «بقيت صامتا للحظات ثم قلت بشيء من العصبية: «معذرة إذا كنت فظا، ولكني شديد الاهتمام بريتشارد، فقد أسبغ علي عطفه، وأنا الغريب تماما، ولهذا أود أن أوجه سؤالا عنه.»
قال هاموند العجوز: «حسنا، لو لم يكن، كما تقول، عطوفا مع الغريب، لتصور الناس أنه شخص شاذ، ولكان عليهم أن يتجنبوه. لكن تفضل واسأل. ولا تتحرج من السؤال.»
قلت: «تلك الفتاة الجميلة، هل سيتزوجها؟»
Página desconocida