La ciudad ideal a través de la historia
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Géneros
Louis Blanc
4
هو أحد الاشتراكيين الأوائل الذين أسندوا إلى الدولة مهمة إصلاح المجتمع. وقد أكد أن واجب الدولة هو الحرص على احترام «حق العمل» وبذلك نقضي على الجرائم التي ترجع بأجمعها إلى الفقر. ولن تستطيع الحكومة القضاء على البطالة والفقر والانحطاط الأخلاقي الذي ينتج عنهما إلا عن طريق القضاء على المنافسة. بذلك تصبح مهمتها أن تقوم بدور «المنظم الأعلى للإنتاج»، وأن تبدأ بإنشاء ورش عمل اجتماعية في معظم الفروع المهمة للصناعة، وأن تتوسع فيها بالتدرج لتشمل البلاد بأسرها. ومن حق الدولة أيضا أن تصبح هي المالك الوحيد لجميع وسائل الإنتاج، على الأقل ما دامت باقية فيها الأشكال المختلفة لعدم المساواة؛ لأن تحقيق المساواة الكاملة سوف يؤدي إلى تلاشي الدول.
عرض لوي بلانك اقتراحاته عن الإصلاح الاجتماعي في كتيب بعنوان «تنظيم العمل»
L’organisation Du Travail ، نشر عام 1839م، وتمتع بشعبية كبيرة في ذلك الوقت، وكثيرا ما وصف هذا الكتيب بأنه يوتوبيا، على الرغم من أنه هو العكس من ذلك تماما، إذ إنه مجرد اقتراح بإصلاح اجتماعي مباشر، وبداية تأسيس نظام جماعي للإنتاج. ومما يثبت أن لوي بلانك نفسه قد اعتقد اعتقادا قويا بإمكان تطبيق اقتراحاته تطبيقا عمليا أنه طالب الجمعية العمومية، بعد ثورة عام 1848م، بإنشاء وزارة للتقدم لتنفيذ الخطة التي رسمها في «تنظيم العمل». وكان من رأيه أن وزارة التقدم هي التي ستدفع حركة الثورة، فتؤمم البنوك والسكك الحديدية والمناجم، وتستغل الأموال في إقامة ورش عمل اجتماعية في أهم فروع الصناعة. كذلك ستقوم الدولة بتعيين موظفين لإدارة المصنع في عامه الأول، وما إن يتعرف العمال كل منهم على الآخر ويهتموا بالمشروع حتى يقوموا بأنفسهم باختيار ممثليهم. وسوف يكون لكل عضو من أعضاء ورش العمل الاجتماعية الحق في التصرف في نتاج عمله بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكن التدبير الواضح للحياة الاجتماعية بالإضافة إلى امتيازها الذي لا يتطرق إليه سرعان ما يؤديان إلى تحويلها من تجمع موجه للعمل إلى تجمع طوعي لإشباع الحاجات والملذات. كذلك قدم لوي بلانك خطة للزراعة الجماعية للأرض عن طريق إيجاد ورش عمل زراعية واجتماعية تسير على مبادئ مشابهة للمبادئ التي تسير عليها ورش العمل الصناعية الاجتماعية. ولم يوضع مشروع لوي بلانك أبدا موضع التنفيذ، كما أن محاولة الحكومة إقامة ورش عمل أهلية في عام 1848م لم يقصد من ورائها إلا التشكيك في صحة أفكاره، ومع ذلك فإن العديد من الجمعيات التعاونية التي ظهرت في فرنسا في ذلك الحين ترجع لتأثير كتاباته.
إن يوتوبيات القرن التاسع عشر التي استوحت النظريات التي ذكرناها باختصار هي يوتوبيات فاقدة الروح بصورة تدعو للحزن والاكتئاب. فهي تهدف إلى إقامة آلية اجتماعية ضمن الانتظام الكامل للحياة في المجتمع وتكفل الرفاهية المادية لكل فرد فيه.
بيد أن فردية الإنسان ضائعة تماما في هذه الآليات البالغة التعقيد. كما أن الدولة تغدو فيها أشبه بإله لا متناهي الحكمة والكرم، ومعصوم على الدوام من الخطأ، وإذا ارتكبت خطأ فلن يملك أحد القوة لتصحيحه. وسواء تمت إدارة اشتراكية للدولة عن طريق الاقتراع العام، كما في «رحلة إلى إيكاريا» لكابيه، أو من خلال التسلسل الصناعي كما في «التطلع للوراء» لبيلامين فإن النتيجة واحدة؛ لا يستطيع الإنسان أن يعبر عن شخصيته إلا من خلال القنوات التي تسمح بها الدولة. لقد أصبح جهازا آليا ذاتي الحركة (أوتوماتون)، فهو يعمل عددا من الساعات التي يفرضها عليه القانون، ويؤدي المهام والواجبات التي جعلها التصنيع الزائد مملة وغير شخصية. ونتاج عمله يكدس في مخازن هائلة الأحجام ليستهلكها مجتمع لا تربطه به أي صلة حقيقية؛ لأن ضخامته ومركزيته لا يسمحان بإقامة علاقات حميمة معه. وتبذل أحيانا بعض المحاولات لخلق الإحساس بالروح الجماعية عن طريق حشد جميع سكان الحي الواحد في مطاعم مشتركة مثلا، ولكنها تظل وسيلة مصطنعة شأنها شأن العديد من التنظيمات التي نجدها في يوتوبيات القرن التاسع عشر. لقد كانت وحدة الجماعة في اليوتوبيات السابقة وحدة وظيفية، كما رأينا في مدينة المسيحيين لأندريا، فالعمال الذين يشتغلون بمهنة واحدة يتقابلون لمناقشة المشاكل المتعلقة بعملهم، والجماعة بكامل أعضائها تلتقي لمناقشة كمية الطعام، والملابس، والأثاث ... إلخ وسائر ما يحتاجون إليه، والإنتاج منظم وفقا لاحتياجات أعضاء الجماعة الذين يعرفونهم عن قرب نظرا لصغر حجم الجماعة. أما في يوتيوبيات القرن التاسع عشر فإن حجم الاستقلال الممنوح للجان المصانع أو لاتحادات المستهلكين حجم مزيف. فعندما تنظم الدولة كل شيء بفضل خبرائها ومكاتب الإحصاء فيها فلن يبقى سوى القليل الذي يمكن للعمال أن يتناقشوا حوله. وقد صدق «ممفورد» عندما قال: «إن هذه اليوتوبيات تتحول إلى شبكات من الصلب والأشرطة الحمراء اللاصقة، بحيث نشعر بأننا وقعنا في شرك كابوس عصر الميكنة، وأننا لا نستطيع النجاة منه أبدا ... لقد صارت الوسيلة هي الغاية، ونسيت المشكلة الحقيقية للغاية ... ويخالجني الشك في قدرة أي فلاح ذكي من الهند أو الصين على الخروج من هذا الكم من اليوتوبيات بفكرة واحدة، لها أي معنى أو تأثير في الحياة التي عاشها، وما أقل ما يتبقى للإنسان لو أمكنه أن يفرغ من تسوية مشاكل التنظيمات الآلية والسياسية.»
وهناك لحسن الحظ بعض اليوتوبيات القليلة التي يجد فيها الإنسان نفسه مرة أخرى، حيث لا ينحدر إلى مستوى الآلة التي يتعين إطعامها وتدبير الملبس والمسكن لها، مثل أي قطعة «ماكينة» تتطلب الحرص في التعامل معها إذا أريد استخراج أقصى عائد منها، وحيث لا يتم تشكيله منذ صباه ليصبح «مواطنا صالحا»، أي مواطنا مطيعا للقانون طاعة كاملة، وعاجزا عن التفكير لنفسه تفكيرا مستقلا. وأحب هذه اليوتوبيات ذات النزعة الاشتراكية الحرة وأكثرها جاذبية هي يوتوبيا وليم موريس «أخبار من لا مكان» فهي تتصف بصفات العمل الأدبي القادر على اجتذاب القراء سواء داخل هذا البلد (أي إنجلترا) أو خارجه. وهناك أيضا عدد من الروايات الخيالية مثل رواية «العصر البلوري» ل «و. ه. هدسون»
W. H. Hudson
ورواية و. ه. ماللوك
Página desconocida