فإن قالوا: إن فرق ما بينهما أن سكون قلب المحق حق في عينه، وسكون قلب المبطل باطل في عينه.
قلنا: أو ليس ذلك غير محول لسكون المبطل عن الثقة إلى الاضطراب ولا مغيره إلى الاكتراث؟
فإذا قالوا ذلك، قيل لهم: فما يؤمن المحق أن يكون سكونه أيضا باطلا في عينه إذا كان سكونه لا ينقص عن سكون المبطل. ولئن كان فرق السكون بينهما ظاهر الاجتهاد والعبادة، فمن أظهر اجتهادا من الرهبان في الصوامع، والخوارج في بذل النفوس؟
فإن قالوا: الفرق بينهما أن المحق قد استشهد الضرورات، والمبطل لم يستشهدها.
قلنا: فهل يجوز أن يكون عند نفسه قد استشهد الضرورات. حتى لو سأله سائل فقال: ما يؤمنك من الخطأ؟ لقال: استشهادي للضرورات.
فإن زعموا أن المبطل لا يجوز أن يكون عند نفسه قد استشهد الضرورات، لأن ذلك هو علامة الحق، والفصل بينه وبين الباطل.
Página 54