El sentido de la vida: Una introducción muy corta
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
حتى الآن تناولنا المعنى أكثر من تناولنا للحياة، غير أن كلمة «حياة» تمثل إشكالية تماما مثل كلمة «المعنى»، وليس من الصعب إدراك السبب وراء ذلك. ألا يمكن أن يكون السبب وراء عدم قدرتنا على الحديث عن معنى الحياة هو عدم وجود ما يسمى الحياة من الأساس؟ ألا نعتبر هنا - مثلما قد يقول فيتجنشتاين - مسحورين بقواعدنا اللغوية التي يمكن أن تصوغ كلمة حياة في صيغة المفرد مثلما يمكن أن تفعل مع كلمة طماطم؟ ربما أن وجود كلمة «حياة» لدينا يرجع فقط إلى كون لغتنا تجسيدية بطبيعتها، وكما يشير فيتجنشتاين:
1 «القواعد اللغوية تعبر عن الماهية.» فكيف يمكن بحق السماء الاعتقاد بأن كل شيء يندرج تحت عنوان الحياة الإنسانية، من الولادة إلى رقصة القبقاب، يدل على معنى واحد؟ أليس هذا بالضبط هو الوهم الذي ينتاب المصابين بجنون الشك، الذين يعتبرون أن كل شيء يفترض أن يكون صدى لكل شيء آخر بشكل يحمل نذرا، ومرتبط معا داخل منظومة كلية واضحة إلى حد مرهق؟ أو وهم الفلسفة - إذا كنت تفضل ذلك التشبيه - الذي يعتبر ما يكون لجنون الشك مثلما علق فرويد عابثا ذات مرة؟ حتى حياة واحدة فردية لا تشكل كلا موحدا. صحيح أن بعض الناس يرون أن حياتهم تشكل قصة رائعة على طول الطريق من المقدمة إلى الخاتمة، ولكن ليس كل شخص يرى نفسه كذلك. إذن كيف يمكن لملايين لا تحصى من الحيوات الفردية أن تفضي إلى منظومة كلية متماسكة ومتكاملة، إن لم يكن بإمكان ولو حياة واحدة أن تفعل ذلك؟ إن الحياة بلا شك لا تملك قالبا كافيا ولا حتى لتكوين لغز.
إن «معنى الحياة» قد يعني «ما تدل عليه الحياة برمتها»، وفي تلك الحالة سينظر فعلا إلى الولادة ورقصة القبقاب كجوانب لوحدة كاملة واحدة ذات دلالة، وهو ما يتخطى حدود توقعاتك حتى من أكثر الأعمال الفنية تميزا وتكاملا. حتى أعظم السرديات التاريخية لا تتخيل أن بإمكانها استخلاص معنى من كل شيء. فالماركسية ليس لديها شيء لتقوله عن غدد الرائحة الشرجية لدى السنور، وهو صمت لا ترى فيه ما يعيبها. ولا يوجد موقف بوذي رسمي بشأن شلالات ويست يوركشاير. فمن المستبعد بشكل كبير أن يشكل كل شيء في الحياة الإنسانية جزءا من نموذج متماسك. إذن هل يكفي القيام بذلك على مدار معظمها؟ أو هل «معنى الحياة» يعني أكثر «الدلالة الأساسية للحياة»؛ أي إنها لا تعني ما تدل عليه ضمنا بقدر ما تعني خلاصتها؟ إن عبارة مثل «معنى الحياة هو المعاناة» لا تشير إلى أن المعاناة هي كل الحياة، أو أنها فكرة وهدف الحياة، ولكنها تشير إلى أنها السمة الأهم أو الأكثر حيوية لها. ومن خلال تتبع هذا الخيط تحديدا، يمكننا فهم المقصد الكلي المحير.
إذن هل توجد ظاهرة تسمى «الحياة الإنسانية» والتي يمكن أن تكون حاملة لمعنى متماسك؟ حسنا، لا شك أن الناس يتحدثون عن الحياة أحيانا بمصطلحات عامة كهذه. فالحياة مضحكة، أو دنيئة، أو ملهى ليلي، أو واد من الدموع، أو مفروشة بالورود. قد تبدو هذه المجموعة من المصطلحات البالية ليست كافية لبناء حجة. غير أن افتراض أن جميع العبارات التي تتضمن شرحا ذاتيا عن الحياة الإنسانية فارغة هو نفسه افتراض فارغ. ليس صحيحا أن الحقائق المادية المحددة هي فقط ما تملك أية قوة. فماذا مثلا عن التعميم بأن معظم الرجال والنساء في التاريخ قد عاشوا حياة من الشقاء والكدح العقيم البائس؟ لا شك أن هذا أكثر إثارة للانزعاج من الافتراض القائل بأن معظم الناس في مقاطعة ديلاوير قد عاشوا تلك الحياة.
ربما من المستحيل أن نستخدم التعميم فيما يتعلق بالحياة الإنسانية بشكل ذكي؛ لأن القيام بذلك يستدعي الخروج من نطاقها، وهو ما سيكون أشبه بمحاولة الانسلاخ من جلودنا. لا شك أن لا أحد يستطيع استطلاعها ككل ويرى ما إذا كان لها معنى سوى شخص من خارج الوجود الإنساني كليا مثل الإله؟
2
إن هذه القضية قريبة لحجة نيتشه في كتابه «أفول الأصنام» من أنه لا يمكن تقييم الحياة على أنها ذات قيمة أو عديمة القيمة في حد ذاتها، إذ إن المعايير التي سنستند إليها من أجل تقرير ذلك ستكون هي ذاتها جزءا من الحياة. ولكن هذا الأمر خاضع للشك قطعا. فأنت لست بحاجة للوقوف خارج إطار الوجود الإنساني لكي تصدر عنه تعليقات ذات معنى، تماما مثلما لا تحتاج لأن تكون في نيوزيلندا من أجل انتقاد المجتمع البريطاني ككل. صحيح أن لا أحد قد سبق له أن رأى المجتمع البريطاني ككل بشكل فعلي، تماما مثلما لا أحد قد وقعت عيناه على حركة الكشافة؛ ولكن بإمكاننا أن نتوصل إلى استدلالات منطقية من الوقائع التي نلم بها عن الوقائع التي لا نلم بها. إنها ليست مسألة رؤية الشيء بأكمله، وإنما مجرد مسألة رؤية ما يكفي لتمييز ما يبدو نمطيا عما لا يبدو كذلك.
إذا كان من الممكن أن تكون التعميمات بشأن الإنسانية صحيحة، فإن ذلك يرجع - من بين أشياء أخرى - إلى أن البشر بانتمائهم لنفس الجنس الطبيعي، لديهم قدر ضخم من الأشياء المشتركة فيما بينهم. وهذا لا يعني إغفال الفروق والاختلافات الرهيبة بينهم على المستوى السياسي. ولكن على مفكري ما بعد الحداثة الذين يطربهم الاختلاف، ويجدونه أينما ذهبوا بتشابه مخيف، ألا يغفلوا سماتنا المشتركة أيضا. إن الاختلافات بين البشر أمر حيوي، ولكنها ليست أساسا متينا بالشكل الكافي بحيث يصلح لبناء أخلاقيات أو سياسات عليه.
إلى جانب ذلك، حتى لو لم يكن باستطاعة المرء الحديث عن «الحالة الإنسانية» في عام 1500، فلا شك أن بإمكانه القيام بذلك في عام 2000. وهؤلاء الذين يجدون تلك الفكرة غير مستساغة يبدو أنهم لم يسمعوا بالعولمة من قبل قط. إنها رأسمالية تتخطى الحدود القومية ساعدت على تحويل الإنسانية إلى كيان واحد. إن ما نشترك فيه الآن على الأقل هو إرادة البقاء في وجه التهديدات المتعددة التي تواجه وجودنا، والتي تلوح في كل جانب. وهناك دلالة في أن من ينكرون حقيقة الحالة الإنسانية ينكرون أيضا ظاهرة الاحترار العالمي. فلا شيء يفترض أن يوحد نوعا من الأنواع بشكل فعال كاحتمالية انقراضه. فنحن نتوحد على الأقل في الموت.
إذا كان معنى الحياة يكمن في «الهدف» المشترك للبشر، فلا يبدو ثمة شك بشأن ماهيته. فالشيء الذي يكافح الجميع من أجل بلوغه هو السعادة. ولا شك أن كلمة «سعادة» من الكلمات الواهنة المرتبطة في الأذهان بمعسكرات الإجازات، وتثير فيها صورة الضحكات الهستيرية وقفزات الفرح في سترة متعددة الألوان. ولكن كما يقر أرسطو في كتابه «الأخلاق النيقوماخية»، فإنها تعمل بمثابة قاعدة من نوع ما في حياة الإنسان، بمعنى أنه لا يمكنك أن تسأل بشكل عقلاني ومنطقي «لماذا» يجب أن نسعى لأن نكون سعداء. إنها ليست وسيلة لبلوغ شيء آخر، مثلما هو الحال بالنسبة للنفوذ أو المال، إنها أقرب للحاجة لنيل الاحترام، والرغبة فيها تبدو كجزء من طبيعتنا. إذن نحن هنا أمام مصطلح تأسيسي من نوع ما. المشكلة هي أنه مصطلح مبهم تماما. ففكرة السعادة تبدو حيوية وفارغة على حد سواء. فما الذي يدخل في عداد السعادة؟ ماذا إذا وجدت السعادة في ترويع النساء العجائز؟ قد يقضي شخص ما يعتزم أن يصبح ممثلا ساعات بلا جدوى في تجارب الأداء بينما يعيش على الفتات، ويقضي معظم وقته قلقا، ومحبطا وجائعا نوعا ما. إنه لا يدخل في عداد من نطلق عليهم سعداء. فحياته تخلو من أي متعة أو هناء ؛ غير أنه - إن جاز التعبير - على استعداد للتضحية بسعادته في سبيل سعادته.
Página desconocida