فاستخارت أولي مشورتها، فبذلت ألف جنيه اشترت بها ما عند الأحرار الذين بمصر من بقايا آثار وأوراق وكتب وجرائد، وملأت بها صندوقا كبيرا وأنفذته مع «ع» بك إلى الآستانة. وفي تلك الأوراق نسخ من رواية «كيوم تل» باللغة التركية ابتاعتها بمائة جنيه. وأرادت المعية أن تجري حينئذ على مصداق المثل التركي «رمى طائرين بحجر واحد.» فأوصت رسولها بالسعي في حل المعضلة التي كانت استجدت في وقف «قواله وطشيوز» فوقف أمام «يلديز» ولسان حاله يقول:
لي في معاليك آمال أرجيها
فهل سمحت بإنشاد فأبديها
وما لبث المعتمد أن طير رسالة برقية من «فروق» وقعت في «المنتزه» مبشرا ونذيرا، وعاد بعد ذلك يلتمع على صدره الوسام المجيدي الثالث، وحق فيه قول القائل:
إذا كنت في حاجة مرسلا
فأرسل لبيبا ولا توصه
غير أن الأحرار لم يجملوا الود ولم يحفظوا الجميل، بل انقلبوا على مدر المال ومفيض النضار، وأصدروا جريدة «القانون الأساسي» بالعربية والتركية، بعد أن كانوا يصدرونها بالتركية وحدها، وأصدروا جريدة «عثمانلي» بالتركية والإنكليزية. وقد أفادتهم الألف ليرة أكبر فائدة فأكملوا أهبتهم واتخذوا سلاحهم ونادوا الظالمين.
ألا لا يحسب الأقوام أنا
تضعضعنا وأنا قد ونينا
ألا لا يجهلن أحد علينا
Página desconocida