يروى أن هذه المدرسة أنشئت لتكون منتجعا لطلب رواية الحديث. وقد زين بابها بالزينة العربية وكتب عليه الآيات القرآنية والأحاديث بالخط الكوفي، وكتب معها هذا الكلام: «أمر بعمارة هذه المدرسة الصاحب الأعظم ملك الملوك الوزراء في العالم شمس الدنيا والدين محمد بن محمد بن محمد صاحب الديوان خلد الله دولته، في سنة سبعين وستمائة.» ويؤخذ منه أن باني المدرسة هو أحد وزراء الدولة السلجوقية.
فإذا نظر المرء من الباب إلى داخل البناء رأى ميدانا واسعا فيه آثار غرف ودار رواية الحديث، آثار كان بعضها باقيا إلى أوائل زمان عبد الحميد الثاني، ثم عفت فيما عفى في عهده، وكانت نظارة المعارف بدأت في إنشاء مدرسة للصناعة بموضع من هذا الميدان، ولكنها عدلت عن افتتاحه لأسباب لا يعلمها إلا الله وبقي ما أنشأته خاويا على عروشه إلى أيامنا.
المدرسة البروجية
مدرسة البروجية أو المقصودية .
وهذه تقرب من موضع المدرستين السابقتين، وبابها مزين أحسن زينة ومحلى بأجمل نقش، وعلى حيطانها آيات وأحاديث كتبت بماء الذهب ولم يتغير من بهجتها وروائها شيء إلى اليوم. وفي داخل المدرسة ميدان رحب قامت على جوانبه العمد الحجرية تعلوها آطار متسلسلة، يتخلل تلك الآطار مواضع الحجرات، والعمد كلها منقوشة بالآيات والأحاديث.
أنشأ هذه المدرسة مظفر الدين الغازي، وضريحه على يسار الداخل من الباب، وعلى الضريح بقايا نقوش بالصيني وبالفسيفساء تدل على أنه كان ملبسا بها. وهذه المدرسة هي مما أصابته معاول تيمورلنك. وقد كتب على الجدار القائم قبالة الداخل هذا الكلام: «بنى هذه المدرسة المباركة في أيام السلطان الأعظم غياث الدين وأبو الفتح كيخسرو بن قليج أرسلان خلد الله ملكه؛ العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة ربه الغفور المظفر ... غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين في شهور سنة سبعين وستمائة.»
هذا ويرى الداخل إلى البناء دهليزا صغيرا ينتهي إلى رحبة هي في وسطه كما تقدم، وفوق الدهليز قبة صفت بالحجارة ثلاثة صفوف حلزونية على شكل هندسي يبهر الأنظار.
كوك مدرسة
مدرسة «كوك مدرسة».
ولعل المراد بلفظة كوك السماء. وهي أشد البنايات العتيقة بقاء على غير الأيام ونوائب الحدثان. نقوشها ليست أدق من نقوش «جفتة منارة» ولا تقاربها رونقا ولكنها أكثر جدة. على بابها منارتان كذلك كالتي قبلها. منقوش من أعلى بابها: «عمر في أيام دولة السلطان الأعظم شاهنشاه المعظم غياث الدنيا والدين كيخسرو بن قليج أرسلان خلد الله دولته.» ونقش تحته: «أمر بعمارة هذه المدرسة المباركة في أيام دولة السلطان الأعظم شاهنشاه المعظم غياث الدنيا والدين كيخسرو بن قليج أرسلان خلد الله دولته؛ الصاحب الأعظم الدستور المعظم أبو الخيرات والحسنات فخر الدولة والدين علي بن الحسين، أحسن الله عاقبته، في غرة محرم سنة سبعين وستمائة.» ونقش تحته «عمل أستاذ كالويان القونوي». ويدخل إلى المدرسة بدهليز تعلوه قبة بديع شكلها، ثم يتجاوز الداخل ذلك إلى رحبة البناء، فيرى الجامع على يمينه وكل حيطانه منقوشة أحسن نقش، ومحراب الجامع غاية في البهاء، والخطوط التي على الجدران مكتوبة كلها بالخط الكوفي.
Página desconocida