فكبر الشيخان تكبيرا خطيرا أقل من وقارهما، وحار في تعليله جيران الضرير. إن كلمة «الحق» كان لها في أذنيهما دوي دونه دوي قنابل اليوم.
أما أبو العلاء فابتسم، على غير عادته، ابتسامة فارهة، وأعجبه جدا استحسانهما، وأطربه ثناؤهما، فتمادى في حريته الفكرية، ولم يحد من مداها كعادته، فهو واثق ممن يخاطب.
فتح لهما صدره المحشو شكوكا ووساوس، فقال لهما: اسمعا ماذا قلت في رثاء المغفور له أخيكم والدي:
فيا ليت شعري هل يخف وقاره
إذا صار أحد في القيامة كالعهن
وهل يرد الحوض الروي مبادرا
مع الناس أم يخشى الزحام فيستأني
فتناظر الشيخان واهتزت لحيتاهما كما تهتز صفصافة مرت بها ريح غير مهتاجة. أما أبو العلاء فقال:
طلبت يقينا من جهينة عنهم
ولن تخبريني يا جهين سوى الظن
Página desconocida