215

Zubaida de las horas

أبو العلاء المعري زوبعة الدهور

Géneros

أخرجت منك معرة العميان

ومن إرجافهم حول ذكائه حكوا أن اثنين تكلما أمامه شيئا كثيرا بلسان أذربيجان، فأعاد أبو العلاء على اللفظ بعينه من غير أن يخرم منه حرفا، ولم ينقص ولم يزد. وروى بعض طلبة أبي العلاء أن جارا له أعجميا غاب عن المعرة، وحضر رجل من بلده يبحث عنه، فوجده غائبا، ولم يمكنه المقام فأشار عليه أبو العلاء أن يذكر حاجته، فجعل الرجل يتكلم بالفارسية وأبو العلاء مصغ إليه، ولم يكن يعرفها، إلى أن فرغ من كلامه ومضى الرجل. وقدم جاره الفارسي الغائب فجعل يردد عليه ما سمعه بلفظه، والرجل يستغيث ويلطم، إلى أن فرغ من الحديث. وسئل عن حاله، فأخبر بموت أبيه وإخوته، وجماعة من أهله.

قلت: ولو كان مات جميع من في بلده لكان الخبر أضخم وأروع. وقد رووا أخبارا كثيرة مثل هذه لا حاجة إلى إثباتها.

ومن الأساطير المعزوة إليه واحدة رويت عن الغزالي عن يوسف بن علي بأرض الهركار أنه قال: «دخلت معرة النعمان، وقد وشى وزير محمود بن صالح إليه بأن المعري زنديق لا يرى إفساد الصور، ويزعم أن الرسالة - أي النبوة - تحصل بصفاء العقل، فأمر محمود بحمله إليه من المعرة، وبعث خمسين فارسا ليحملوه، فأنزلهم أبو العلاء دار الضيافة، فدخل عليه عمه مسلم بن سليمان وقال: يا ابن أخي، قد نزلت بنا هذه الحادثة، والملك محمود يطلبك، فإن منعناك عجزنا، وإن أسلمناك كان عارا علينا عند ذوي الذمام، ويركب تنوخ الذل والعار.

فقال أبو العلاء: هون عليك يا عم، ولا بأس عليك؛ فلي سلطان يذب عني، ثم قام فاغتسل، وصلى إلى نصف الليل ثم قال لغلامه: انظر إلى المريخ: أين هو؟

فقال الغلام: في منزلة كذا، فقال: زنه، واضرب تحته وتدا، وشد في رجلي خيطا واربطه إلى الوتد، ففعل غلامه ذلك، فسمعناه وهو يقول: يا قديم الأزل، يا علة العلل، يا صانع المخلوقات، وموجد الموجودات، أنا في عزك الذي لا يرام، وكنفك الذي لا يضام، الضيوف الضيوف، الوزير الوزير، ثم ذكر كلمات لا تفهم، وإذا بهدة عظيمة، فسأل عنها فقيل: وقعت الدار على الضيوف الذين كانوا بها فقتلت الخمسين، وعند طلوع الشمس وقعت بطاقة من حلب على جناح طائر: لا تزعجوا الشيخ؛ فقد وقع الحمام على الوزير.

قال يوسف بن علي: فلما شاهدت ذلك دخلت على المعري فقال: زعموا أنني زنديق، ثم قال: اكتب. وأملى علي أبياتا من قصيدة أولها:

أستغفر الله في أمني وأوجالي

من غفلتي وتوالي سوء أعمالي

ومن عناكب الأساطير المنسوجة أيضا حول الشيخ هذان الحلمان:

Página desconocida