Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Géneros
وقد تختلف هذه الأحوال باختلاف القرون والأمم، وتنوع اللغات، ووفور الذكاء، وقوة الفهم، وتفاوت المراتب في ذلك، فلذا ترى نهج الأقدمين في التأليف غير نهج المتأخرين؛ فإن الأقدمين إنما يخاطبون قوما لا يليق بحالهم إلا ذلك الخطاب، والمتأخرين يخاطبون أقواما لا يليق بحالهم إلا ذلك الخطاب أيضا.
والبلاغة: هي مراعاة مقتضى حال المخاطب، فقد يكون الخطاب بليغا في حق قوم لموافقته مقتضى حالهم، غير بليغ في حق آخرين أن لو خوطبوا به؛ لأنه لم يوافق مقتضى حالهم، ومع ذلك فهو بليغ؛ لأنه إنما خوطب به من لا يليق بحاله إلا ذلك الخطاب، وذلك كاف في كونه بليغا، ولذا اختلف الحال بين خطاب خالي الذهن، وخطاب المتردد، وخطاب المنكر كما بين في محله، فلذلك تركت ذكر الأدلة في هذه المنظومة.
[منهجه في التأليف]
وقد خالفت الخصال في ترتيب أبوابه ووضع كتبه، فرتبته على خلاف ما جاء به، وجمعت كثيرا من المسائل تحت قاعدة واحدة، وخلطت كثيرا من الفوائد وجعلتها فائدة واحدة، لا لخلل في ترتيب الأصل لكن لمراعاة حال أهل الزمان، فإن حال أهل زمانه - رحمة الله عليه - يقتضي ذلك الوضع الذي وضعه، وما على وضعه من مزيد، وحال أهل زماني يقتضي هذا الوضع الذي وضعته، فمن ثم وقعت المخالفة كثيرا في الترتيب، حتى أن الناظر في المدارج لا يعرف أن أصل مأخذها الخصال، إلا بالوقوف على بيان ذلك.
Página 86