واستدل القطب على فضل العلم والتعليم بقوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}، قال: والآية دليل على عظم العلم والتعليم، إذ جعلا في مقابلة الجهاد، بل هما أفضل، إذ بهما يعرف الجهاد ويحيي الدين لمن بعد، بل هما الجهاد الأكبر؛ لأن الأصل في الجهاد هو الجدال بالحجة، وإنما يعدل عنه إلى الجهاد بالسيف عند المكابرة /35/ والعناد، انتهى والله أعلم.
الكلام في الإشارة إلى هذا الكتاب بالحث عليه
[وفيه بيان من سيرة الإمام أبي إسحاق]
ولما أشار المصنف إلى تعريف الفقه وفائدته وفضله احتيج إلى أن يدل على كتاب في الفن قائم بحاجة الطالب، ومفيد للقاصد الراغب، محتو على جملة من المقاصد، ومنطو على كثير من الفوائد فقال:
... وهذه مدارج ... الكمال ... ضمنتها مختصر ... الخصال
أي: هذه المنظومة المسماة «بمدارج الكمال» عليك أيها الطالب بحفظها، وتأمل معانيها وضبط مبانيها، وإدراك دقائقها، والاطلاع على حقائقها، فإني قد ضمنتها الكتاب الجامع للقواعد، الحاوي للفوائد، المسمى ب«مختصر الخصال» لاختصاره خصال الشريعة وجمعها في أبواب وكتب، المنسوب إلى الإمام الشاري أبي إسحاق إبراهيم بن قيس بن سليمان الهمداني نسبا، الحضرمي مسكنا، الإباضي مذهبا، الباذل نفسه في سبيل الله تعالى، الطالب للشهادة من مظانها، المتحلي بأخلاق الكملة من الرجال، القائل في كلامه مفصحا عن هذا الحال:
Página 70