حتى أتى نبينا ... محمد ... فشرعه مؤكد ... مؤبد أي: لم يزل ثاني الرسل ينسخ الحكم السابق في الزمان الأول حتى جاء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالشرع الذي أمره بتبليغه رب العالمين بواسطة جبريل الأمين، فشرعه عليه الصلاة والسلام ثابت أبدا لا يأتي عليه نسخ حتى تنقطع دار التكليف؛ لأنه نبي الساعة وخاتم النبيين، فلا نبي بعده - صلى الله عليه وسلم - فلا ينسخ شرعه، قال تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما} فالآية نص في أنه - عليه السلام - خاتم النبيين فلا نبي بعده، إذ لو كان بعده نبي لما كان خاتم النبيين، وعنه - صلى الله عليه وسلم - : «إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتا وحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت في هذا الموضع هذه اللبنة!؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» رواه أبو هريرة وجابر بن عبد الله، وروي: «جئت فختمت الأنبياء».
وفي المقام مسائل:
المسألة الأولى: [بيان شريعة نبينا لا يصح نسخها بغيرها، وفي جواز نسخ بعضها ببعض]
قد علمت مما تقدم أن النسخ جائز وواقع على الشرائع التي قبل نبينا، أما شريعة نبينا فلا يصح نسخها، لإخبار الله تعالى ورسوله وإجماع الأمم بأن نبينا عليه - عليه السلام - /20/ خاتم النبيين، فيمتنع أن يكون شرعه منسوخا بشرع غيره، فيستحيل النسخ استحالة شرعية بموته - صلى الله عليه وسلم - ، وأما في زمانه فإنه قد وقع نسخ بعض شرعه ببعض.
Página 38