سلمنا بهذا، فلا يكون استحضار النعم لأجل الشكر عليها نقصانا بل زيادة كمال دل عليها نصوص القرآن، قال تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، وقال تعالى: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} وقال تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم} وقال تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت} ومثل ذلك من الآيات كثير، فكيف يكون ما أمر الله باستحضاره في الذهن والنظر فيه لأجل التفكر والشكر عليه نقصانا؟ كلا، لا يكون ما أمر الله به إلا كمالا.
الوجه الثالث: قالوا: "إن الثناء على الله تعالى عند وجدان النعمة يدل على أنه إنما أثني عليه لأجل الفوز بتلك النعم، وذلك يدل على أن مقصوده من العبادة والحمد والثناء الفوز بتلك النعم، وهذا الرجل في الحقيقة معبوده ومطلوبه إنما هو تلك النعمة وحظ النعمة، وذلك مقام نازل".
Página 29