Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Géneros
وفي الحديث: «إنما الأعمال بالنيات»، فدخل فيه العبادات ووسائلها، وأن الأعرابي قد قصد الوضوء مع تعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له الوضوء فلا يحتاج إلى تعليم النية، إذ ليست النية فعلا بدنيا يحتاج إلى بيان كيفيته، وإنما هي أمر قلبي، فمن قصد شيئا فقد نواه، فعلم أن الوضوء من بعض الأعمال التي لا بد من اشتراط النية فيها.
وإذا علمت هذا ظهر لك أن النية شرط في صحة جميع العبادات، فلا نعيد ذكر اشتراطها مع ذكرنا لجميع خصال العبادات في النظم، بل نكتفي بذكرها إجمالا في هذا المقام لضيق النظم عن ذلك، وأما في الشرح فلا بد من بيانها في كل موضع يشترط في صحته النية؛ لأن في اشترطها أحكاما لا بد لنا من بيانها، فلذا نذكرها في الشرح دون النظم، والله أعلم.
وفي المقام مسائل:
المسألة الأولى: [تعريف النية ومحلها وحكمة مشروعيتها]
النية: (بتشديد الياء) وقد تخفف لغة: القصد.
وشرعا: توجه القلب نحو الفعل ابتغاء لوجه الله.
وقيل: هي القصد للشيء المأمور به باعتقاد من القلب، والعزيمة عليه بالجوارح.
ومحلها: القلب، عند أكثر /114/ أهل الشرائع، وأقل الفلاسفة؛ لأنه محل العقل والعلم والإرادة والميل والاعتقاد. وعند أقل أهل الشرائع وأكثر الفلاسفة الدماغ.
وإنما شرعت لتمييز العبادة من العادة، كالغسل يكون للجنابة تنظيفا وعبادة، أو لتمييز العبادات بعضها عن بعض ، كالتيمم يكون للجنابة والوضوء، وصورتهما واحدة، والصلاة تكون فرضا ونفلا، وكذلك الصوم والحج وغير ذلك.
فإن قيل: النية عمل من أعمال القلب فيحتاج إلى النية ويتسلسل.
Página 212