185

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

وقد كانت الأوائل من الصحابة والتابعين لصفاء عقائدهم ببركة صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقرب العهد بزمانه، وقلة الوقائع والاختلاف، وتمكنهم من المراجعة إلى الثقات مستغنين عن تدوين العلوم وترتيبها أبوابا وفصولا، إلى أن حدثت الفتن بين المسلمين، والبغي على أئمة الدين، وظهر اختلاف الآراء والميل إلى البدع والأهواء، وكثرت الفتاوى والواقعات، والرجوع إلى العلماء في المهمات، فاشتغلوا في النظر والاستدلال والاجتهاد والاستنباط وتمهيد القواعد والأصول، وترتيب الأبواب والفصول، وتكثير المسائل بأدلتها، وإيراد الشبه بأجوبتها، وتعيين الأوضاع والاصطلاحات، وتبيين المذاهب والاختلافات، وسموا ما يفيد معرفة الأحكام العملية عن أدلتها التفصيلية بالفقه، ومعرفة أحوال الأدلة إجمالا في إفادتها الأحكام بأصول الفقه، ومعرفة العقائد عن أدلتها بالكلام.

وفائدة علم التوحيد: الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان، وإرشاد المسترشدين بإيضاح المحجة، وإلزام المعاندين بإقامة الحجة، وحفظ قواعد الدين عن أن تزلزله شبه المبطلين.

واستدلوا على شرفه بوجوه:

أحدها: أن شرف العلم بشرف المعلوم، فمهما كان المعلوم أشرف كان العلم الحاصل به أشرف، فلما كان أشرف المعلومات معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وجب أن يكون العلم المتعلق بذلك أشرف العلوم.

وثانيها: أن شرف الشيء قد يظهر بواسطة خساسة ضده، فكل ما كان ضده أخس كان هو أشرف، وضد علم التوحيد هو الكفر والبدعة، وهما من أخس الأشياء، فوجب أن يكون علم التوحيد أشرف الأشياء.

Página 186